امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 3 -صفحه : 703/ 347
نمايش فراداده

التّفسير

كل انسان مسئول عمّا كلّف به

بعد ما تقدم من الآيات الكريمة حولالجهاد، تأتي هذه الآية لتعطي أمرا جديداو خطيرا إلى الرّسول الأكرم صلّى اللهعليه وآله وسلّم و أنّه مكلّف بمواجهةالأعداء و جهادهم حتى لو بقي وحيدا و لميرافقه أحد من المسلمين إلى ميدان القتال.لأنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم مسئول عنأداء واجبه هو، و ليس عليه مسئوليةبالنسبة للآخرين سوى التشويق و التحريض والدعوة الى الجهاد: فَقاتِلْ فِي سَبِيلِاللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ.

الآية تشتمل على حكم اجتماعي مهم يخصّالقادة، و يدعوهم إلى التزام الرأي الحازمو العمل الجاد في طريقهم و مسيرتهم نحوالهدف المقدس الذي يعملون و يدعون منأجله، حتى لو لم يجدوا من يستجيب لدعوتهم،لأنّ استمرار الدعوة غير مشروط باستجابةالآخرين لها، و أي قائد لا يتوفر فيه هذاالحزم فهو بلا ريب عاجز عن النهوض بمهامالقيادة، فلا يستطيع أن يواصل الطريق نحوتحقيق الأهداف المرجوة خاصّة القادةالإلهيون الذين يعتمدون على اللّه ... مصدركل قدرة و قوّة في عالم الوجود، و هوسبحانه أقوى من كل ما يدبّره الأعداء مندسائس و مكائد بوجه الدّعوة، لذلك تقولالآية: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَالَّذِينَ كَفَرُوا وَ اللَّهُ أَشَدُّبَأْساً «1» وَ أَشَدُّ تَنْكِيلًا «2»

.

معنى كلمتي «عسى» و «لعل» في كلام اللّه:

في كلمة «عسى» طمع و ترج، و في كلمة «لعل»طمع و إشفاق، هنا يتبادر إلى‏

1- البأس و البأساء بمعنى الشدّة و القهر والغلبة.

2- التنكيل من نكل في الشي‏ء، أي ضعف وعجز، و النكل: قيد الدابة و حديدة اللجاملكونهما مانعين، و التنكيل:

أداء عمل يردع مشاهده عن الذنب و هوالعقاب الذي ينزل بالظالمين فيردعهم ويردع من يتعض بمصيرهم.