امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 3 -صفحه : 703/ 509
نمايش فراداده

و واضح أنّ وصف العذاب بواحد من الصفاتيتناسب مع نوع الذنب، و لذلك فقد ورد فيكثير من الآيات القرآنية أنّ عقابالظالمين هو العذاب الأليم، لأنّه يتناسبو ألم الظلم الذي يمارسه الظالم علىالمظلوم، و هكذا بالنسبة للأنواع الأخرىمن العذاب، و قد قصدنا بهذا الشرح تقريبمسألة العذاب إلى الأذهان، علما بأنّالعذاب الأخروي شي‏ء لا يمكن مقارنته بماهو موجود من عذاب في حياتنا الدنيوية هذه.

و قد تطرقت الآية الأخيرة إلى موقفالمؤمنين الذين آمنوا باللّه و بجميعأنبيائه و رسله و لم يفرقوا بين أي منالأنبياء و الرسل و أخلصوا للحق، و كافحواكل أنواع العصبيات الباطلة، و بيّنت أنّاللّه سيوفّي هؤلاء المؤمنين أجرهم وثوابهم في القريب العاجل، فتقول الآية: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِوَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍمِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْأُجُورَهُمْ ....

و بديهي أنّ الإيمان بجميع الأنبياء والرسل لا يتنافى و مسألة تفضيل بعضهم علىالبعض الآخر، لأنّ مسألة التفاضل هذهترتبط ارتباطا وثيقا بأهمية و عظمالمسؤولية التي تحمّلها كل منهم، و طبيعيأنّ المسؤوليات المناطة بالأنبياء عليهمالسّلام تتفاوت من حيث الأهمية و الخطورةبالنسبة لكل منهم، و قد ثبت هذا الأمربالدليل القطعي و المهم هنا أن لا يحصلتمايز أو تفريق في الإيمان بالأنبياء والإقرار بنبوّتهم.

و قد أكدت الآية في الختام أنّ اللّهسيغفر للمؤمنين الذين ارتكبوا اخطاءبالانجرار وراء العصبيات و ممارسةالتفرقة بين الأنبياء إن أخلص هؤلاءالمؤمنون في إيمانهم و عادوا إلى اللّه،أي تابوا إليه من اخطائهم السابقة، حيثتقول الآية: وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراًرَحِيماً.

و يجب الانتباه هنا إلى أنّ الآياتالأخيرة ذكرت الذين يعمدون إلى التفرقةبين الأنبياء بأنّهم كفار حقيقيون، بينمالم تذكر الذين يؤمنون بجميع الأنبياءبأنّهم‏