امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 3 -صفحه : 703/ 573
نمايش فراداده

الجاهلي، و دعى المسلمين إلى التعاون فيأعمال الخير و المشاريع النافعة و البناءةفقط، و نهى عن التعاون في الظلم و العدوان.

و الطريق في هذا المجال هو مجي‏ء كلمتي«البر» و «التقوى» معا و على التوالي فيالآية، حيث أنّ الكلمة الأولى تحمل طابعاإيجابيا و تشير الى الأعمال النافعة، والثانية لها طابع النهي و المنع و تشير إلىالامتناع عن الأعمال المنكرة- و على هذاالأساس- أيضا- فإن التعاون و التآزر يجب أنيتمّ سواء في الدّعوة إلى عمل الخير، أو فيمكافحة الأعمال المنكرة.

و قد استخدم الفقه الإسلامي هذا القانونفي القضايا الحقوقية، حيث حرّم قسما منالمعاملات و العقود التجارية التي فيهاطابع الإعانة على المعاصي أو المنكرات،كبيع الأعناب إلى مصانع الخمور أو بيعالسلاح إلى أعداء الإسلام و أعداء الحق والعدالة، أو تأجير محل للاكتساب لتمارسفيه المعاملات غير الشرعية و الأعمالالمنكرة (و بديهي أن لهذه الأحكام شروطاتناولتها كتب الفقه الإسلامي بالتوضيح).

إنّ إحياء هذا المبدأ لدى المجتمعاتالإسلامية، و تعاون المسلمين في أعمالالخير و المشاريع النافعة البناءة دونالاهتمام بالعلاقات الشخصية و العرقية والنسبية، و الامتناع عن تقديم أي نوع منالتعاون إلى الأفراد الذين يمارسون الظلمو العدوان، بغض النظر عن تبعية أوانتمائية الفئة الظالمة، كل ذلك من شأنهأن يزيل الكثير من النواقص الاجتماعية.

أمّا في العلاقات الدولية، فلو امتنعتدول العالم عن التعاون مع كل دولة معتدية-أيّا كانت- لقضي بذلك على جذور العدوان والاستعمار و الاستغلال في العالم، و لكنحين ينقلب الوضع فتتعاون الدول معالمعتدين و الظالمين بحجّة أنّ مصالحهمالدولية تقتضي ذلك، فلا يمكن توقع الخيرأبدا من وضع كالذي يسود العالم اليوم.

لقد تناولت الأحاديث و الرواياتالإسلامية هذه القضية بتأكيد كبير،