يبقى أن نعرف أن ما ذكرناه من العواملالثلاث لتقدم الكفار و نجاحهم، و تأخر بعضالمؤمنين و فشلهم لا تصدق في مكان واحد، بللكل واحد منها مورده و مجاله الخاص.
ثمّ إنّ اللّه سبحانه بعد أن بيّن مصيرالكفار في الآية السابقة، بيّن هنا- فيالآية التي تلت تلك الآية- مصير المؤمنين،إذ قال: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْارَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْتَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيهاأي إن الذين اتبعوا موازين الحق و العدل فيالوصول إلى المكاسب المادية، أو أنّهمبسبب إيمانهم تعرضوا للحصار الاقتصادي والاجتماعي و لكنهم مع ذلك بقوا ملتزمينبالتقوى، فإنّه تعالى سيعوضهم عن كل ذلكبجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيهانُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ ما عِنْدَاللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ.
و «النّزل» في اللغة هو ما يعدّ للضيف منالكرامة و البر، و قال البعض: أنّه أول مايقدم إلى الضّيف النازل من شراب أو فاكهة.
و على هذا يكون معنى الآية أن الجناتالمذكورة مع كل ما فيها من المواهبالمادية هي أوّل ما يقدّم يوم القيامة إلىالمؤمنين المتقين، و أمّا الضيافةالمهمّة و العليا فهي النعم و المواهبالمعنوية التي عبر عنها سبحانه بقوله: وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ.