و تشرح الآية آثار هذا التحجّر فتقول:يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ...
و وَ نَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوابِهِ ....
و لا يستبعد أن تكون علامات و آثار نبيّالإسلام محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّمو التي أشير إليها في آيات قرآنية أخرى،جزءا من الأمور التي نسيها بنو إسرائيل-كما يحتمل أن تكون هذه الجملة القرآنيةإشارة إلى ما حرفه أو نسيه جمع من علماءاليهود أثناء تدوينهم للتوراة من جديد بعدأن فقدت التوراة الأصلية، و إنّ ما وصل إلىهؤلاء من كتاب موسى الحقيقي كان جزءا منذلك الكتاب و قد اختلط بالكثير منالخرافات، و قد نسي هؤلاء حتى هذا الجزءالباقي من كتاب موسى عليه السّلام.
ثمّ تتطرق الآية إلى ظاهرة خبيثة طالمابرزت لدى اليهود- بصورة عامّة- إلّا ما ندرمنهم، و هي الخيانة التي كانت تتكشفللمسلمين بين فترة و أخرى، تقول الآيةالكريمة في هذا المجال: وَ لا تَزالُتَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ «1» مِنْهُمْإِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ....
و في الختام تطلب الآية من النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم أن يعفو عن هؤلاء ويصفح عنهم، مؤكّدة أنّ اللّه يحبالمحسنين، و ذلك في قوله تعالى: فَاعْفُعَنْهُمْ وَ اصْفَحْ إِنَّ اللَّهَيُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.
و لنرى هل أنّ المراد في الآية أن يعفوالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عنالأخطاء السابقة للأقلية الصالحة مناليهود، أم أنّ المراد هو العفو عنالأغلبية الطالحة منهم؟
إنّ ظاهر الآية يدعم و يؤيّد الاحتمالالثّاني، لأنّ الأقلية الصالحة لم ترتكبذنبا أو خيانة لكي يطلب من النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم العفو عنهم- و الظنالغالب هو أنّ العفو
1- إنّ كلمة «خائنة» مع كونها اسما للفاعل،فهي في هذه الآية تكون بمعنى المصدر وتطابق كلمة الخيانة ... و قد جرت عادة العربعلى استخدام مثل هذه الاستعمالات فيأشعارهم حيث جاؤوا باسم الفاعل و عنوا بهالمصدر في كلمات مثل «العافية» و الخاطية»و قد احتملوا أيضا أنّ تكون كلمة «خائنة»صفة للطائفة.