امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 3 -صفحه : 703/ 639
نمايش فراداده

كما ذكرت الآية نوعا آخر من الجزاء والعقاب لهذه الطائفة النصرانية، و هوأنّهم سوف يعلمون نتيجة أعمالهم و سيرونهابأعينهم حيث تقول الآية: سَوْفَيُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوايَصْنَعُونَ.

و تجدر الإشارة هنا إلى عدّة أمور، هي:

1- إنّ عبارة «أغرينا» مشتقة من المصدر«إغراء» و تعني الصاق شي‏ء بشي‏ء آخر،كما تعني الترغيب أو حمل الشخص على القيامبعمل معين، بحيث يدفع الشخص إلى الارتباطبأهداف معينة.

و على هذا الأساس يكون مفهوم الآية- موضوعالبحث- هو أن نقض النصارى لعهدهم وارتكابهم المعاصي أديا إلى أن تنتشرالعداوة فيما بينهم و يعمهم النفاق والخلاف، (و المعلوم أن آثار الأسبابالتكوينية و الطبيعية تنسب إلى اللّه) و مانراه اليوم من صراعات كثيرة بين الدولالمسيحية، كانت في يوم ما سببا لاندلاعالحربين العالميتين، و هي كذلك سببللتكتلات المقترنة بالعدالة و البغضاءالمستمرة فيما بينهم، أضف إلى ذلكالخلافات المذهبية الكثيرة التي تسود بينالطوائف المسيحية التي ما زالت سببالاستمرار الصراع و الاقتتال فيما بينهم.

و قد ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ المراد مناستمرار العداوة، هو العداوة و البغضاءالموجودة بين اليهود و النصارى واستمرارها حتى فناء العالم، و لكن الملاحظمن ظاهر الآية هو استمرار العداوة بينالمسيحيين أنفسهم «1».

و غني عن البيان أنّ مثل هذه العاقبة لاتقتصر على المسيحيين وحدهم، فلو أنالمسلمين ساروا في نفس هذا الطريق فإنمصيرهم سيكون مشابها لمصير المسيحيينأيضا.

2- إنّ كلمة «العداوة» مشتقة من المصدر«عدو» و هي بمعنى التجاوز

1- و على هذا الأساس فإن الضمير في كلمة«بينهم» تعود إلى كلمة «النصارى»المذكورة في بداية الآية.