امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 102
نمايش فراداده

نفوسهم آخر بارقة أمل في الإيمان، حلّتبهم العقوبة الإلهية طبقا لقانون انتخابالأصلح، و إهلاك و محو الكائنات الفاسدة والمفسدة فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُفَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ.

إنّها كانت زلزلة و رجفة عظيمة تهاوت علىأثرها قصورهم و بيوتهم القوية، و اندثرتحياتهم الجميلة، حتى أنّه لم يبق منهمإلّا أجساد ميتة ... هكذا أصبحوا.

و «جاثم» في الأصل مشتق من مادة «جثم»بمعنى القعود على الركب، و التوقف في مكانواحد، و لا يبعد أن يكون هذا التعبير إشارةإلى أنّ الزلزلة و الرجفة جاءتهم و هم فيحالة نوع هنيئة، فجلسوا على أثرها فجأة، وبينما كانوا قاعدين على ركبهم لم تمهلهمالرجفة، بل ماتوا و هم على هذه الهيئة،إمّا خوفا، و إمّا بسبب انهيار الجدرانعليهم، و إمّا بفعل الصاعقة التي رافقتالزلزال!!

بأيّ شي‏ء أهلك قوم ثمود:

و هنا يطرح سؤال و هو: يستفاد من الآيةالحاضرة أنّ الشي‏ء الذي أهلك هؤلاءالمتمردون كان هو الزلزال، و لكن يظهر منالآية (13) من سورة فصلت أنّه كان الصاعقة،بينما نقرأ في الآية (15) من سورة الحاقةفَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوابِالطَّاغِيَةِ يعني أنّ قوم ثمود اهلكوابشي‏ء مدمّر، فهل هناك تناقض بين هذهالتعابير؟

إنّ الجواب على هذا السؤال يمكن أن يلخصفي جملة واحدة، و هي جميع هذه العباراتترجع إلى معنى واحد، أو أنّه يلازم بعضهابعضا، فكثيرا ما تحدث الرجة الأرضية فيمنطقة ما بفعل صاعقة عظيمة، أي أنّه تحدثصاعقة أوّلا، ثمّ تحدث على أثرها رجةأرضية.

و أمّا «الطاغية» فهي بمعنى كائن تجاوز عنحدّه، و هذا ينسجم مع الزلزلة و كذا معالصاعقة، و لهذا فلا يوجد أي تناقض بينالآيات.