إن التعبير بـ «اتّخذوا» إشارة إلى أنّالوثن ليس له أية واقعية، و لكن انتخابعبدة الأوثان هو الذي أعطاه تلك الشخصية والقيمة الوهمية، و لهذا أتى بكلمة «العجل»وراء هذه الجملة فورا، يعني أنّ ذلك العجلهو نفس ذلك العجل حتّى بعد انتخابهللعبادة.
أمّا أنّ هذا الغضب ما هو؟ و هذه الذّلة ماهي؟ فالقرآن لم يصرح بشيء عنهما في هذهالآية، و إنّما اكتفى بإشارة مجملة، و لكنيمكن أن تكون إشارة إلى الشقاء و المصائب والمشكلات التي ابتلوا بها بعد هذه الحادثةو قبل دخولهم الأرض المقدسة.
أو أنّه إشارة إلى مهمّة قتل بعضهم بعضاالعجيبة التي كلّفوا بها كجزاء و عقوبةلمثل ذلك الذنب العظيم.
و هنا قد يطرح هذا السؤال، و هو أنّ منالمرتكزات الفكرية هو أنّ حقيقة التوبةتتحقق بالندامة، فكيف لم يشمل العفوالإلهي بني إسرائيل مع أنّهم ندموا علىفعلهم؟
و الجواب هو أنّه ليس لدينا أي دليل علىأنّ مجرّد الندامة لوحدها تنفع في جميعالأحوال و المواضع. صحيح أنّ الندامة هيأحد أركان التوبة، و لكنّها ليست كل شيء.
إنّ معصية عبادة الأوثان السجود للعجل فيذلك النطاق الواسع و في تلك المدّةالقصيرة، و بالنسبة إلى ذلك الشعب الذيشاهد بأم عينيه كل تلكم المعاجز و الآيات،لم تكن معصية يمكن التغاضي عنها بمثل هذهالسهولة، و كفاية يقول مرتكبها: «أستغفراللّه» و ينتهي كلّ شيء.
بل لا بدّ أن يرى هذا الشعب غضب اللّه ويذوق طعم المذلة في هذه الحياة، و يساطالذين افتروا على اللّه الكذب بسوط البلاءحتى لا يفكروا مرّة أخرى في ارتكاب مثل هذاالذنب العظيم.