النظر من جهة أنّه آل إلى هلاك جماعة ذهبتإلى الميقات للاعتذار و التوبة، فهل منالممكن أن يهلك اللّه تعالى جماعة أتواإلى الميقات للاعتذار إلى اللّه بالنيابةعن قومهم؟! و على كل حال، فقد قال القرآنالكريم في الآيتين الحاضرتين أوّلا:
وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَرَجُلًا لِمِيقاتِنا.
و لكن بني إسرائيل حيث إنّهم سمعوا كلاماللّه طلبوا من موسى عليه السّلام أن يطلبمن اللّه تعالى أن يريهم نفسه- لبنيإسرائيل- جهرة، و في هذا الوقت بالذاتأخذهم زلزال عظيم و هلك الجماعة، و وقعموسى عليه السّلام على الأرض مغشيا عليه،و عند ما أفاق قال: ربّاه لو شئت لأهلكتناجميعا، يعني بماذا أجيب قومي لو هلك هؤلاءفَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَرَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْقَبْلُ وَ إِيَّايَ.
ثمّ قال: ربّاه إنّ هذا المطلب التافةإنّما هو فعل جماعة من السفهاء، فلاتؤاخذنا بفعلهم: أَ تُهْلِكُنا بِمافَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا؟
و لقد اعتبر بعض المفسّرين- وجود كلمة«الرجفة» في هذه الآية، و كلمة «الصاعقة»في الآية (55) من سورة البقرة المتعلقة بطلبرؤية اللّه جهرة- دليلا على التفاوت بينالميقاتين. و لكن- كما قلنا سابقا- إنالصاعقة في كثير من الأوقات ترافق الرجفةالشديدة، لأنّه على أثر التصادم بينالشحنات الكهربائية الموجبة في السحب والسالبة في الأرض تبرق شرارة عظيمة تهزّالجبال و الأراضي بشدّة، و ربّما تحطمها وتبعثرها كما جاء في قصّة البلاء الذي نزلعلى قوم صالح العصاة، حيث يعبر فيه عنهبالصاعقة تارة (سورة فصلت الآية 17) و تارةبالرجفة (سورة الأعراف الآية 78).
و قد استدل بعض المفسّرين بعبارة بِمافَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا على أنّالعقوبة هنا كانت لأجل الفعل الذي صدر منبني إسرائيل (مثل عبادة العجل) لا لأجلالكلام الذي قالوه في مجال طلب رؤية اللّهجهرة.