الثّالث.
و كما جاء في الرّوايات، فإنّه عند ما رأىهذا الفريق أن عظاته و نصائحه لا تجدي معالعصاة انزعجوا و قالوا: سنخرج منالمدينة، فخرجوا إلى الصحراء ليلا، و اتفقأن أصاب العذاب الإلهي كلا الفريقينالآخرين.
و أمّا ما احتمله بعض المفسّرين من أنّالعصاة هم الذين أصيبوا بالعذاب فقط، ونجى الساكتون أيضا، فهو لا يتناسب مع ظاهرالآيات الحاضرة.
يظهر من الآيات الحاضرة أنّ عقوبة المسخكانت مقتصرة على العصاة، لأنّه تعالىيقول: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُواعَنْهُ ... و لكن من جانب آخر يستفاد منالآيات الحاضرة- أيضا- أنّ الناصحينالواعظين فقط هم الذين نجوا من العقاب،لأنّه تعالى يقول: أَنْجَيْنَا الَّذِينَيَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ.
من مجموع هاتين الآيتين يتبيّن أنّالعقوبة نالت كلا الفريقين، و لكن عقوبةالمسخ اختصت بالعصاة فقط، و أمّا عقوبةالآخرين فمن المحتمل أنّها كانت الهلاك والفناء، بالرغم من أن العصاة أيضا هلكوابعد مدّة من المسخ حسب ما جاء في هذا الصددمن الرّوايات. «1»
«المسخ» أو بتعبير آخر «تغيير الشكلالإنساني إلى الصورة الحيوانية» و منالمسلّم أنّه حدث على خلاف العادة والطبيعة.
على أنّه قد شوهدت حالات جزئية من(موتاسيون) و القفزة، و تغيير الشكل
(1) و إذا كان يستفاد من بعض الرّوايات خلافهذا الموضوع، فإنّه مضافا إلى أنّه لايمكن الاعتماد عليه في مقابل ظاهر الآياتفإنّما ضعيفة من حيث السند أيضا، و يحتملأن يكون الراوي قد أخطأ في نقل الرواية.