امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 313
نمايش فراداده

و هذا الأمر لا يخلو من إحدى حالتين،فإمّا أن تكون هذه النعم مدعاة للتنبيه والإيقاظ فتكون الهداية الإلهية في هذهالحال عملية.

أو أنّ هذه النعم تزيدهم غرورا و جهلا،فعندئذ يكون عقاب اللّه لهم في آخر مرحلةأوجع، لأنّهم حين يغرقون في نعم اللّه وملذاتهم و يبطرون، فإنّ اللّه سبحانه يسلبعندئذ هذه النعم منهم، و يطوي سجل حياتهم،فيكون هذا العقاب صارما و شديدا جدّا ...

و هذا المعنى بجميع خصوصياته لا يحمله لفظالاستدراج وحده، بل يستفاد هذا المعنىيفيد مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ أيضا.

و على كل حال، فهذه الآية تنذر جميعالمجرمين و المذنبين بأنّ تأخير الجزاء منقبل اللّه لا يعني صحة أعمالهم أوطهارتهم، و لا عجزا و ضعفا من اللّه، و أنلا يحسبوا أنّ النعم التي غرقوا فيها هيدليل على قربهم من اللّه، فما أقرب من أنتكون هذه النعم و الانتصارات مقدمة لعقابالاستدراج. فاللّه سبحانه يغشّيهم بالنعمو يمهلهم و يرفعهم عاليا، إلّا أنّهيكبسهم على الأرض فجأة حتى لا يبقى منهمأثر، و يطوي بذلك وجودهم و تأريخ حياتهمكله.

يقول الإمام علي عليه السّلام في نهجالبلاغة أنّه «من وسّع عليه في ذات يده فلمير ذلك استدراجا فقد أمن مخوفا» «1».

كما جاء عنه عليه السّلام في روضة الكافي أنّهقال: «ثمّ إنّه سيأتي عليكم من بعدي زمانليس في ذلك الزمان شي‏ء أخفى من الحق، و لاأظهر من الباطل، و لا أكثر من الكذب علىاللّه و رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم-إلى أن قال- يدخل الداخل لما يسمع من حكمالقرآن فلا يطمئن جالسا حتى يخرج منالدين، ينتقل من دين ملك إلى دين ملك، و منولاية إلى ولاية ملك، و من طاعة ملك إلىطاعة ملك، و من عهود ملك إلى‏

(1) تفسير نور الثقلين، ج 2، ص 106.