امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 342
نمايش فراداده

بتفاوت يسير بين الآيتين، إذ ورد التعبيرمكان قوله تعالى: إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌإِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ و فيالآية التّالية بيان للانتصار على وساوسالشيطان بهذا النحو إِنَّ الَّذِينَاتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَالشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْمُبْصِرُونَ. أي يتذكرون ما أنعم اللّهعليهم، و يفكرون في سوء عاقبة الذنب و عذابالآخرة فيتّضح لهم بذلك طريق الحق.

و الطّائف: هو الذي يطوف و يدور حولالشي‏ء، فكأن وساوس الشيطان تدور حول فكرالإنسان و روحه كالطائف حول الشي‏ء ليجدمنفذا إليه، فإذا تذكر الإنسان في مثل هذهالحالة ربّه، و استعاذ من وساوس الشيطان وعاقبة أمره، أبعدها عنه. و إلّا أذعن لها وانقاد وراء الشيطان.

و أساسا فإنّ كل إنسان في آية مرحلة منالإيمان، أو أي عمر كان، يبتلى بوساوسالشياطين. و ربّما أحس أحيانا أن في داخلهقوة مهيمنة تدفعه نحو الذنب و تدعوه إليه،و لا شك أن مثل هذه الحالة من الوساوس فيمرحلة الشباب أكثر منها في أية مرحلةأخرى، و لا سيما إذا كانت البيئة أو المحيطكما هو في العصر الحاضر من التحلّل والحريّة، لا الحرية بمعناها الحقيقي، بلبما يذهب إليه الحمقى «من الانسلاخ من كلقيد و التزام أخلاقي أو اجتماعي أو ديني»فتزداد الوساوس الشيطانية عند الشباب.

و طريق النجاة الوحيد من هذا التلوّث والتحلل في مثل هذه الظروف، هو تقوية رصيدالتقوى أولا، كما أشارت إليه الآية إِنَّالَّذِينَ اتَّقَوْا ... ثمّ المراقبة والتوجه نحو النفس، و الالتجاء إلى اللّه وتذكر ألطافه و نعمه و عقابه الصارم للمذنب...

و هناك إشارات كثيرة في الرّواياتالإسلاميّة إلى أثر ذكر اللّه العميق فيمعالجة الوساوس الشيطانية. حتى أن الكثيرمن المؤمنين و العلماء و ذوي المنزلة