كانوا يحسون بالخطر عند مواجهة وساوسالشيطان، و كانوا يحاربونها «بالمراقبة»المذكورة في كتب علم الأخلاق بالتفصيل.
و الوساوس الشيطانية مثلها مثل الجراثيمالضارة التي تبحث عن البنية الضعيفة لتنفذفيها. إلّا أنّ الأجسام القوية تطرد هذهالجرائم فلا تؤثر فيها.
و جملة فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ إشارةإلى حقيقة أن الوساوس الشيطانية تلقيحجابا على البصيرة «الباطنية» للإنسان،حتى أنّه لا يعرف العدوّ من الصديق، و لاالخير من الشر. إلّا أن ذكر اللّه يكشفالحجب و يزيد الإنسان بصيرة و هدى، و يمنحهالقدرة على معرفة الحقائق و الواقعيات،المعرفة التي تخلّصه من مخالب الوساوسالشيطانية.
و ملخص القول: أننا لا حظنا في الآيةالسابقة كيف ينجو المتقون من نزغ الشيطانو وسوسته بذكر اللّه، إلّا أن الآثمينإخوة الشياطين يبتلون بمزيد الوساوس فلاينسلخون عنها، كما تعبّر الآية التالية عنذلك قائلة: وَ إِخْوانُهُمْيَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لايُقْصِرُونَ.
«الإخوان» كناية عن الشياطين، و الضمير«هم» يعود على المشركين و الآثمين، كمانقرأ هذا المصطلح في الآية (27) من سورةالإسراء إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُواإِخْوانَ الشَّياطِينِ.
و «يمدونهم» فعل مأخوذ من الإمداد و معناهالإعانة و الإدامة، أي أنّهم يسوقونهم فيهذا الطريق دائما.
و جملة ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ تعني أنّالشياطين لا يألون جهدا في إضلال المشركينو الآثمين.
ثمّ تذكر الآية التّالية حال جماعة منالمشركين و المذنبين البعيدين عن المنطق،فتقول: إنّهم يكذبونك- يا رسول اللّه- عندما تتلوا عليهم آيات القرآن، و لكن عند مالا تأتيهم بآية، أو يتأخر الوحي يتساءلونعن سبب ذلك: وَ إِذا لَمْ