يوجه اللّه سبحانه في الآية الأولى منالآي محل البحث الخطاب إلى المؤمنينفيقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاتَخُونُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ.
إنّ الخيانة للّه و رسوله، هي وضع الأسرارالعسكرية للمسلمين في تصرف أعدائهم، أوتقوية الأعداء أثناء محاربتهم، أو بصورةعامّة ترك الواجبات و المحرمات و الأوامرالإلهية، و لذلك فقد ورد عن (ابن عباس): إنّمن ترك شيئا من الأوامر الإسلامية فقدارتكب خيانة بحق اللّه و رسوله.
ثمّ تقول الآية: وَ تَخُونُواأَماناتِكُمْ «1».
و (الخيانة) في الأصل معناها: الامتناع عندفع حق أحد مع التعهد به، و هي ضد (الأمانة)و الأمانة و إن كانت تطلق على الأمانةالمالية غالبا، لكنّها في منطق القرآن ذاتمفهوم أوسع يشمل شؤون الحياة الاجتماعية والسياسية و الأخلاقية كافة، و لذلك
جاء في الأحاديث: «المجالس بالأمانة».
و نقرأ في حديث آخر: «إذا حدث الرجل بحديث ثمّالتفت فهو أمانة.
و من ذلك تكون أرض الإسلام أمانة إلهيةبأيدي المسلمين و أبنائهم أيضا. و فوق كلذلك فإنّ القرآن المجيد و تعاليمه كل ذلكيعد أمانة إلهية كبرى، و قد قال بعضهم:
إنّ أمانة اللّه هي أوامره، و أمانةالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم سنته، وأمانة المؤمنين أموالهم و أسرارهم، و لكنالأمانة في الآية- آنفا- تشتمل على كل ذلك.
على كل حال، فإنّ الخيانة في الأمانة منأقبح الأعمال و شرّ الذنوب. فإنّ من يخونالأمانة منافق في الحقيقة، كما
ورد في الحديث عن الرّسول الأكرم صلّىالله عليه وآله وسلّم. حيث قال: «آيةالمنافق ثلاث: إذا حدث كذب، و إذا وعدأخلف، و إذا
(1) «تخونوا) في الأصل (لا تخونوا) و قد حذفت(لا) بقرينة الجملة السابقة.