امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 403
نمايش فراداده

لا محالة، فأهم مسألة في هذا الطريق هيمعرفة الحق و الباطل، معرفة الحسن والقبيح، معرفة الصديق و العدو، معرفةالفوائد و الأضرار، معرفة عوامل السعادة والضياع، فإذا استطاع الإنسان معرفة هذهالحقائق جيدا فسيسهل عليه الوصول إلىالهدف.

إنّ المشكلة التي تعترض الإنسان غالبا هيخطأه في تشخيص الباطل و اختياره على الحق،و انتخاب العدوّ بدل الصديق، و طريقالضلال بدل طريق الهداية، و هنا يحتاجالإنسان إلى بصر و بصيرة قويّة، و وضوحرؤية. إنّ هذه الآية المباركة تقول: إنّهذه البصيرة ثمرة لشجرة التقوى. أمّا كيفتعطي هذه التقوى البصيرة للإنسان؟ فقديكون الأمر مبهما لدى البعض، لكن قليلا منالدقّة و التأمل كافية لتوضيح العلاقةالوثيقة بين هذين الإثنين، و لإيضاح ذلكنقول:

أوّلا: إنّ قوّة عقل الإنسان تستطيع إدراكالحقائق بقدر كاف، و لكن ستائر من الحرص والطمع و الشهوة و حبّ النفس و الحسد، والحبّ المفرط للمال و الأزواج و الأولاد والجاه و المنصب كل ذلك يغدوّ كالدخانالأسود أمام بصيرة العقل، أو كالغبارالغليظ الذي يملأ الآفاق، و هنا لا يمكنللإنسان معرفة الحق و الباطل في أجواءمظلمة، أمّا إذا غسل تلك الغشاوة بماءالتقوى و انقشع ذلك الدخان الأسود، عندذاك تسهل عليه رؤية نور الحق.

ثانيا: أنّنا نعلم أنّ كل كمال في أي مكانإنّما هو قبس من كمال الحق، و كلّما اقتربالإنسان من اللّه فإنّ نور الكمال المطلقسينعكس في وجوده أكثر، و على ذلك فإنّ أيعلم و معرفة فهو نبع من علمه و معرفتهتعالى، و كلّما تقدّم الإنسان في ظلالالتقوى و ترك المعاصي من اللّه، ذابت قطرةوجوده في بحر وجود العظيم أكثر، و سيحصلعلى مقدار أكثر من العلم و المعرفة.

و بعبارة أخرى فإنّ قلب الإنسان كالمرآة،و وجود اللّه كالشمس الساطعة على الوجود،فإذا تلوثت مرآة قلبه من الأهواء حتىاسودت، فسوف لا تعكس‏