امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 475
نمايش فراداده

وحشية و إجراما، و الأمر الوحيد الذي أمكنبسببه قلع تلك الجذور الفاسدة من أصولها،هو إحداث ثورة عارمة و تغيير شامل فيالأفكار و الأرواح و العقائد، ثورة تصنعتحوّلا في شخصياتهم و تبدل أساليبتفكيرهم، و ترفعهم عن الحضيض الذي كانوافيه، لتتجلى لهم أعمالهم السابقة في وجههاالكالح القبيح، فيطهروا بذلك أنفسهم، ويدرءوا عنها الأحقاد و الأوساخ و العصبيةالقبلية العمياء و هذه أمور لا يمكنإيجادها بالثروة و لا بالمال، بل في ظلالالإيمان و التوحيد الخالص فحسب.

و تضيف الآية معقبة في الختام إِنَّهُعَزِيزٌ حَكِيمٌ.

فعزته تقتضي عجز الآخرين من الوقوف فيمواجهته، و حكمته تقتضي أن تكون كل أمورهجارية وفق حساب دقيق و نظام صحيح، و لهذافإنّ الخطة الدقيقة وحدت القلوبالمتنافرة المتفرقة و جعلتها تنصاعللنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لينشرواأنوار الهداية في كل أرجاء العالم.

ملاحظتان‏

1- قال بعض المفسّرين: إنّ الآية محل البحثتشير إلى الخلافات بين الأوس و الخزرج،الذين هم من الأنصار فحسب، و لكن نظرا إلىأنّ المهاجرين و الأنصار نهضوا جميعالنصرة النّبيّ فيتّضح اتساع مفهوم الآية.

و لعل أولئك كانوا يتصورون أنّ الخلافاتكانت قائمة بين الأوس و الخزرج دون غيرهم،مع أنّه كانت اختلافات كثيرة في المستوياتالطبقية و الاجتماعية بين الفقراء والأغنياء، و الكبار و الصغار، بين هذهالقبيلة و تلك، تلك الخلافات و«الانشقاقات» أذهبها الإسلام و محاآثارها، كما يقول القرآن الكريم في مكان‏