كما هو الحال في يهود بني النضير و بنيقريظة، فواجههم النّبي بشدة و طردهم منالمدينة، لكن بعض المعاهدات بقيت ساريةالمفعول، سواء كانت ذات أجل مسمى أو لمتكن.
الآية الأولى من الآيتين محل البحث تعلنللمشركين كافة بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْمِنَ الْمُشْرِكِينَ.
ثمّ أمهلتهم مدّة أربعة أشهر ليفكروافيها و يحدّدوا موقفهم من الإسلام، فإمّاأن يتركوا عبادتهم للأصنام، أو يتهيئواللمواجهة و القتال، فقالت: فَسِيحُوا فِيالْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ «1» وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِياللَّهِ وَ أَنَّ اللَّهَ مُخْزِيالْكافِرِينَ
نحن نعرف أنّ الإسلام أولى أهمية قصوىللوفاء بالعهد و الالتزام بالمواثيق حتىمع الكفار و المشركين، و هنا ينقدح سؤال وهو: كيف أمر القرآن بإلغاء العهود التيكانت بين المسلمين و المشركين من جانبواحد؟! و يتّضح الجواب بملاحظة الأمورالتالية:
أوّلا: كما صرّح في الآيتين (7) و (8) من هذهالسورة فإنّ إلغاء هذا العهد لم يكن دونأية مقدمة، بل هناك قرائن و دلائل ظهرت منجانب المشركين تدلّ على نقضهم عهدهم، وأنّهم كانوا على استعداد- في ما لواستطاعوا- أن يوجهوا ضربة قاضية للمسلميندون أدنى اعتناء بعهودهم التي عاهدوها، ومن المنطقي
(1) «سيحوا» فعل أمر مشتق من «السياحة» ومعناها الجولة الهادفة.