امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 55
نمايش فراداده

و في البداية يشير إلى الحجاب الذي أقيمبين أهل الجنّة و أهل النّار، إذ يقول: وَبَيْنَهُما حِجابٌ.

و يستفاد من الآيات اللاحقة أنّ الحجابالمذكور هو «الأعراف» و هو مكان مرتفع بينالفريقين يمنع من رؤية كل فريق الفريقالآخر، و لكن وجود مثل هذا الحجاب لا يمنعمن أن يسمع كل منهما صوت الآخر و نداءه،كما مرّ في الآيات السابقة.

فلطالما رأينا جيرة يتحادثون من وراءالجدار، و يستجلي أحدهما حال الآخر دون أنيراه، على أنّ الذين يقفون على الأعراف،أي على الأقسام المرتفعة من هذا المكانالمرتفع، يرون كلا الفريقين (تأملوا جيدا).

و يستفاد من بعض آيات القرآن الكريم، مثلالآية (55) من سورة الصافات، أن أهل الجنّةربّما تطّلعوا من أماكنهم و شاهدوا أهلالنّار، و لكن مثل هذه المواردالاستثنائية لا تنافي ما عليه وضع الجنّةو النّار أساسا، و أنّ ما قلناه آنفا يعكسو يصور الكيفية لهذين المكانين، و إن كانلهذا القانون- أيضا- بعض الاستثناءات،فيمكن أن يشاهد بعض أهل الجنّة أهل النّارفي شرائط خاصّة.

إنّ ما يجب أن نذكر به مؤكدين قبل الخوض فيبيان كيفية الأعراف هو أن التعابيرالواردة حول القيامة و الحياة الأخرى لاتستطيع- بحال- أن تكشف القناع عن جميعخصوصيات تلكم الحياة، بل للتعابير-أحيانا- صفة التشبيه و التمثيل.

و أحيانا تكشف بعض تلك التعابير عن مجرّدشبح في هذا المجال، لأنّ الحياة في ذلكالعالم تكون في آفاق أعلى، و هي أوسعبمراتب كثيرة من الحياة في هذا العالم،تماما مثل سعة الحياة الدنيا هذه بالقياسإلى عالم الرحم و الجنين.

و على هذا فلا عجب إذا كانت الألفاظ والمفاهيم المتداولة في هذا العالم لاتستطيع أن تعكس بصورة كاملة و معبّرة تلكالمفاهيم.