السكينة في الأصل مأخوذة من السكون، وتعني نوعا من الهدوء أو الاطمئنان الذييبعد كل نوع من أنواع الشك و الخوف و القلقو الاستيحاش عن الإنسان، و يجعله راسخالقدم بوجه الحوادث الصعبة و الملتوية. والسكينة لها علاقة قربى بالإيمان، أي أنّالسكينة وليدة الإيمان، فالمؤمنون حينيتذكرون قدرة اللّه التي لا غاية لها، ويتصورون لطفه و رحمته يملأ قلوبهم موجالأمل و يغمرهم الرجاء.
و ما نراه من تفسير السكينة بالإيمان فيبعض الرّوايات «1»، أو بنسيم الجنّةمتمثلا في صورة إنسان «2» كل ذلك ناظر إلىهذا المعنى.
و نقرأ في القرآن في الآية (4) من سورةالفتح قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَالسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِالْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناًمَعَ إِيمانِهِمْ.
و على كل حال فهذه الحالة نفسية خارقةللعادة، و موهبة إلهية بحيث يستطيعالإنسان أن يهضم الحوادث الصعبة، و أن يحسفي نفسه عالما من الدعة و الاطمئنان برغمكلّ ما يراه.
و ممّا يسترعي النظر أن القرآن- في الآياتمحل البحث- لا يقول: ثمّ أنزل اللّه سكينتهعلى رسوله و عليكم، مع أنّ جميع الجمل فيالآية تحتوي على ضمير الخطاب (كم)، بل تقولالآية عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَىالْمُؤْمِنِينَ و هي إشارة إلى أنالمنافقين و أهل الدنيا و الذين كانوا معالنّبي في المعركة لم ينالوا سهما منالسكينة و الاطمئنان، بل كانت السكينة مننصيب المؤمنين فحسب.
و نقرأ في بعض الرّوايات أن نسيم الجنّةهذا كان مع أنبياء اللّه و رسله «3»،
(1) تفسير البرهان، ج 2، ص 114. (2) تفسير نور الثقلين، ج 2، ص 201. (3) تفسير البرهان، ج 2، ص 112.