امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 63
نمايش فراداده

بحوث‏

هنا عدّة نقاط يجب أن نتوقف عندها و نلتفتإليها:

1- يبدأ القرآن الكريم بأحاديث أهل النّارمع أهل الجنّة بلفظة (و نادى) التي تستعملعادة للتخاطب من مكان بعيد، و هذا يفيدبأنّ بين الفريقين فاصلة كبيرة و مع ذلكيتمّ هذا الحوار و يسمع كل منهما حديثالآخر، و هذا ليس بعجيب، فلو أن المسافهبلغت ملايين الفراسخ لأمكن أن يسمع كلواحد منهما كلام الآخر، بل و يرى- في بعضالأحيان- الطرف الآخر.

و لو كان القبول بهذا أمرا متعذرا أومتعسرا في الماضي، و كانت تشكل مشكلةبالنسبة إلى السامعين، فإنّه مع انتقالالصوت و الصورة في عصرنا الحاضر من مسافاتبعيدة جدا انحلّت هذه المشكلة، و لم تعدالآية موضع تعجب و غرابة.

2- إنّ أوّل طلب يطلبه أهل النّار هوالماء، و هذا أمر طبيعي، لأنّ الشخص الذييحترق في النّار المستعرة يطلب الماء قبلأي شي‏ء حتى يبرد غليلة و يرفع به عطشه.

3- إنّ عبارة مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُالتي هي عبارة مجملة، و تتسم بالإبهام،تفيد أنّه حتى أهل النّار لا يمكنهم أنيعرفوا بشي‏ء من حقيقة النعم الموجودة فيالجنّة و أنواعها. و هذا الموضوع

يتفق وينسجم مع بعض الأحاديث التي تقول:

(إنّ في الجنّة ما لا عين رأت و لا أذنسمعت، و لا خطر على قلب بشر).

ثمّ إنّ عطف الجملة بـ «أو» يشير الى أنّالنعم الاخروية الأخرى و خاصّة الفواكهيمكنها أن تحلّ محل الماء و تطفئ عطشالإنسان.

4- إنّ عبارة إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُماعَلَى الْكافِرِينَ إشارة إلى أهل الجنّةبأنفسهم، ليسوا هم الذين يمتنعون عن إعطاءشي‏ء من هذه النعم لأهل النّار، لأنّه لايقلّ منها شي‏ء بسبب الإعطاء، و لا أنّهميحملون حقدا أو ضغينة على أحد في‏