امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 78
نمايش فراداده

الدعاء في أعماق روحه، و على جميع أبعادوجوده، و يكون اللسان مجرّد ترجمانها، ويتحدث نيابة عن جميع أعضائه.

و أمره تعالى- في الآية الحاضرة- بأن يدعىاللّه «خفية» و في السّر، لأنّه أبعد عنالرياء، و أقرب إلى الإخلاص، و لأجل أنيكون الدعاء مقرونا بتمركز الفكر و حضورالقلب.

و نحن نقرأ

في حديث أنّ رسول اللّه صلّى الله عليهوآله وسلّم لما كان في إحدى غزواته، و وصلجنود الإسلام إلى واد رفعوا أصواتهمبالتهليل و التكبير قائلين: «لا إله إلّااللّه» و «اللّه أكبر» فقال النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم: «يا أيّها الناساربعوا على أنفسكم، أمّا إنّكم لا تدعونأصمّ و لا غائبا، إنّكم تدعون سميعاقريبا، إنّه معكم» «1».

كما و يحتمل في هذه الآية أيضا أن يكونالمراد من «التضرع» هو الدعاء الظاهرالعلني، و المراد من «الخفية» الدعاءالخفي السّري، لأنّ لكل مقام اقتضاء خاصا،فقد يقتضي أن يكون الدعاء علنا، و ربّمايقتضي خفية و سرا، و هناك رواية وردت فيذيل هذه الآية تؤيد هذا الموضوع.

ثمّ قال تعالى في ختام الآية: إِنَّهُ لايُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ أي أنّ اللّه لايحب المعتدين.

و لهذه العبارة معنى وسيع يشمل كل نوع منأنواع العدوان و التجاوز، سواء الصراخ ورفع الصوت عاليا جدا حين الدعاء، أوالتظاهر و ممارسة الرياء، أو التوجه إلىغير اللّه حين الدعاء.

و في الآية اللاحقة يشير تعالى إلى حكم هوفي الحقيقة شرط من شروط تأثير الدعاء، إذقال: وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِبَعْدَ إِصْلاحِها.

و من المسلم أنّ الأدعية إنّما تكون عنداللّه أقرب إلى الإجابة إذا تحققت فيها

(1) مجمع البيان، المجلد الرابع،