فيهم روح الشكر فيخضعوا لأوامره، علّهميفلحون فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِلَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
و لكن في مقابل جميع المواعظ و الإرشاداتالمنطقية، و التذكير بنعم اللّه و مواهبه،انبرت تلك الثلة من الناس الذين كانوايرون مكاسبهم المادية في خطر، و قبول دعوةالنّبي تصدّهم عن التمادي في أهوائهم وشهواتهم، انبرت إلى المعارضة، و قالوابصراحة،: إنّك جئت تدعونا إلى عبادة اللّهوحده و ترك ما كان أسلافنا يعبدون دهراطويلا، كلّا، لا يمكن هذا بحال قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا؟
لقد كان مستوى تفكير هذه الثّلة منحطاجدّا- كما تلاحظ- إلى درجة أنّهم كانوايستوحشون من عبادة اللّه وحده، بينمايعتبرون تعدّد الآلهة و المعبودات مفخرةمن مفاخرهم.
و الجدير بالتأمل أنّ دليلهم في هذاالمجال لم يكن إلّا التقليد الأعمى لماكان عليه الآباء و الأسلاف، و إلّا فكيفيمكن أن يبرروا خضوعهم لقطعات من الصخور والأخشاب؟! و في النهاية، و لأجل أن يقطعواأمل هود فيهم تماما، و يقولوا كلمتهمالأخيرة قالوا: إذا كان حقا و واقعا ماتنذرنا به من العذاب، فلتبادر به، أيأنّنا لا نخشى تهديداتك أبدا فَأْتِنابِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَالصَّادِقِينَ.
و عند ما بلغ الحوار إلى هذه النقطة، وأطلق أولئك المتعنتون كلمتهم الأخيرةالكاشفة عن رفضهم الكامل لدعوة هود، و أيسهود- هو الآخر- من هدايتهم تماما، قال: إذنما دام الأمر هكذا فسيحلّ عليكم عذابربّكم قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْرَبِّكُمْ رِجْسٌ وَ غَضَبٌ.
و «الرّجس» في الأصل بمعنى الشيء غيرالطاهر، و يرى بعض المفسّرين أنّ لأصل هذهاللفظة معنى أوسع، فهو يعني كل شيء يبعثعلى النفور و التقزز