حتى نزلت الآية التي تلي هذه الآية، وأمرت النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنيأخذ قسما من أموال هؤلاء، و حسب بعضالرّوايات فإنّه قبل ثلثها.
و نقرأ في بعض الرّوايات، أن هذه الآية قدنزلت في قصّة بني قريظة مع أبي لبابة، فإنبني قريظة قد استشاروا أبا لبابة في أنيسلّموا لحكم النّبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم و أوامره، فأشار إليهم بأنّهم إنسلّموا له فسيقتلهم جميعا، ثمّ ندم على ماصدر، فتاب و شدّ نفسه بعمود المسجد، فنزلتالآية، و قبل اللّه تعالى توبته «1».
بعد أن أشارت الآية السابقة إلى وضعالمنافقين في داخل المدينة و خارجها،أشارت هذه الآية هنا إلى وضع جمع منالمسلمين العاصين الذين أقدموا علىالتوبة لجبران الأعمال السيئة التي صدرتمنهم، و رجاء لمحوها: وَ آخَرُونَاعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواعَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَىاللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ويشملهم برحمته الواسعة ف إِنَّ اللَّهَغَفُورٌ رَحِيمٌ.
إنّ التعبير بـ (عسى) في الآية، و التيتستعمل في الموارد التي يتساوى فيهااحتمال الفوز و عدمه، أو تحقق الأمل وعدمه، ربّما كان ذلك كيما يعيش هؤلاء حالةالخوف و الرجاء، و هما وسيلتان مهمتانللتكامل و التربية.
و يحتمل أيضا أنّ التعبير بـ (عسى) إشارةإلى وجوب الالتزام بشروط أخرى فيالمستقبل، مضافا إلى الندم على ما مضى والتوبة منه و عدم الاكتفاء بذلك بل يجب أنتجبر الأعمال السيئة التي ارتكبت فيما مضىبالأعمال الصالحة مستقبلا.
إلّا أنّنا إذا لا حظنا أن الآية تختمببيان المغفرة و الرحمة الإلهية، فإنجانب
(1) مجمع البيان في ذيل الآية، و تفاسيرأخرى.