امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 282
نمايش فراداده

أنّ أحد التفاسير الثلاثة المذكورة هنا-أوكل الثلاثة- قابل للقبول بصورة علمية.

فالتّفسير الأوّل: إن «قدم الصدق» هذاإشارة إلى أن الإيمان له بـ «سابقةفطرية»، و إنّ المؤمنين عند ما يظهرونإيمانهم فهم في الحقيقة يصدقون فطرتهم-لأنّ أحد معاني القدم هو السابقة- كمايقولون: لفلان قدم في الإسلام، أو قدم فيالحرب، أي إنّ له سبقا في الإسلام أوالحرب.

و الثّاني: إنّه إشارة إلى مسألة المعاد ونعيم الآخرة، لأنّ أحد معاني القدم هوالمقام و المنزلة، و هو يناسب كون الإنسانيرد إلى منزله و مقامه برجله، و هذاالتّفسير يعني أنّ للمؤمنين مقاما و منزلةثابتة و حتمية عند اللّه سبحانه، و أن أيقوّة لا تستطيع تغييرها و جعلها في شكلآخر.

أمّا التّفسير الثّالث فهو أن القدمبمعنى القدوة و الزعيم و القائد، أي إنناأرسلنا للمؤمنين قائدا و مرشدا صادقا.

لقد وردت عدّة روايات عن طريق الشيعة والسنة لهذه الآية تفسر قدم الصدق بأنّهالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أوولاية علي عليه السّلام و تؤيد هذا المعنى«1».

و كما قلنا فإنّ من الممكن أن تكونالبشارة بكل هذه الأمور هي المرادة منالتعبير أعلاه.

و تنهي الآية حديثها بذكر اتهام طالماكرّره المشركون و اتهموا به النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم، فقالت: قالَالْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌمُبِينٌ.

إنّ كلمة (إن) و «لام» التأكيد و صفة«المبين»، كلها دلائل على مدى تأكيد أولئكالكفار على هذه التهمة، و عبروا بـ (هذا)لتصغير مقام النّبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم و التقليل من أهميته.

أمّا لماذا اتهموا النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم بالسحر؟ فجوابه واضح، ذلكأنّهم لم يكونوا

(1) تفسير البرهان، ج 2، ص 177، و تفسيرالقرطبي، ج 5، ص 3145.