ظاهر الآية الأولى من هذه الآيات، كما هوظاهر بعض آيات أخرى من القرآن، أنّ مركزالأمراض الأخلاقية هو القلب.
إنّ هذا الكلام يمكن أن يعارضه في البدايةهذا الإشكال، و هو أنّنا نعلم أن كلالأوصاف الأخلاقية و المسائل الفكرية والعاطفية ترجع إلى روح الإنسان، و ليسالقلب إلّا مضخة أتوماتيكية لنقل الدم وتغذية خلايا البدن.
هذا حقّ طبعا، فإنّ القلب له وظيفة إدارةجسم الإنسان، و المسائل النفسية مرتبطةبروح الإنسان، لكن توجد هنا نكتة دقيقةإذا ما لوحظت سيتّضح رمز هذا التعبيرالقرآني، و هي أنّ في جسم الإنسان مركزينكل منهما مظهر لبعض الأعمال النفسيةللإنسان، أي أنّ كلا من هذين المركزين إذاتأثر بالانفعالات النفسية فإنّه سيظهر ردالفعل مباشرة: أحدهما المخ، و الآخر القلب.
عند ما نبحث المسائل الفكرية في محيطالروح، فإنّ انعكاس ذلك التفكير سيتّضحفورا في المخ، و بتعبير آخر فإنّ المخ آلةتساعد الروح في مسألة التفكر، و لذلك فإنّالدم يدور بصورة أسرع في المخ في حالةالتفكير، و تتفاعل خلايا المخ بصورة أكبر،و بالتالي سوف تمتص كمية أكبر من الغذاء وترسل أمواجا أكثر.
أمّا عند ما يكون الكلام و البحث حولالمسائل العاطفية كالعشق و المحبّة، والتصميم و الإرادة و الغضب و الحقد والحسد، و العفو و الصفح، فإنّ نشاطا عجيبايبدأ في قلب الإنسان، فأحيانا تشتدضرباته، و أحيانا تقل إلى الحد الذي يظنمعه أنّه سيتوقف عن العمل، و نشعر أحياناأن قلبنا يريد أن ينفجر. كل ذلك نتيجةللارتباط الوثيق للقلب مع هذه المسائل.
لهذه الجهة ينسب القرآن المجيد الإيمانإلى القلب، فيقول: وَ لَمَّا يَدْخُلِالْإِيمانُ