الر «1» مع ما فيه من عظمة و إعجاز بالغين،ثمّ يبيّن بعد هذه الحروف المقطعة واحدةمن خصائص القرآن الكريم في جملتين.
أوّلا: إنّ جميع آياته متقنة و محكمةكِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ.
و ثانيا: إنّ تفصيل حاجات الإنسان فيحياته الفردية و الاجتماعية- مادية كانتأو معنوية- مبيّن فيها أيضا ثُمَّفُصِّلَتْ.
هذا الكتاب العظيم مع هذه الخصيصة، من أينأنزل، و كيف؟! أنزل من عند ربّ حكيم و خبيرمِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ.
فبمقتضى حكمته أحكمت آيات القرآن، وبمقتضى أنّه خبير مطلع بيّن آيات القرآنفي مجالات مختلفة طبقا لحاجات الإنسان،لأنّ من لم يطلع على تمام جزئيات الحاجاتالروحية و الجسمية للإنسان لا يستطيع أنيصدر احكاما جديرة بالتكامل.
الواقع، إنّ كل واحدة من صفات القرآن التيجاءت في هذه الآية تسترفد من واحدة من صفاتاللّه .. فاستحكام القرآن من حكمته، و شرحهو تفصيله من خبرته.
و في بيان ما هو الفرق بين أُحْكِمَتْ وفُصِّلَتْ بحث المفسّرون كثيرا و أبدوااحتمالات عديدة .. و أقرب هذه الاحتمالات-بحسب مفهوم الآية آنفة الذكر- هو أنّالجملة الأولى تعني أنّ القرآن مجموعةواحدة مترابطة كالبنيان المرصوص الثابت،كما تدل على أنّه نازل من إله فرد، و لهذافلا يوجد أي تضادّ في آياته، و لا يرىبينها أي اختلاف.
و الجملة الثّانية إشارة إلى أنّ هذاالكتاب في عين وحدته فيه شعب و فروع متعددةتستوفي جميع حاجات الإنسان الرّوحيّة والمادية، فهو في عين وحدته
(1) شرحنا هذا المعنى و سائر التفاسير التيذكرت للحروف المقطعة في القرآن في بدايةسورة البقرة و آل عمران و الأعراف.