امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 447
نمايش فراداده

التالي يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناًفإذا عملنا بهذه الأصول فإنّ اللّه سبحانهيهبنا حياة سعيدة إلى نهاية العمر، و فوقكل ذلك فإنّ كلا يعطى بمقدار عمله و لايهمل التفاوت و التفاضل بين الناس فيكيفية العمل بهذه الأصول ... وَ يُؤْتِكُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ و أمّا في صورةالمخالفة و العناد فتقول الآية: وَ إِنْتَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْعَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ حين تمثلون للوقوففي محكمة العدل الإلهي.

و اعلموا أنّ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْكائنا من كنتم، و في أي محل و مقام أنتم، وهذه الجملة تشير إلى الأصل الخامس منالأصول التفصيليّة للقرآن و هي مسألة«المعاد و البعث» و لكن لا تتصوروا- أبدا-أن قدرتكم تعدّ شيئا تجاه قدرة اللّه، أوأنّكم تستطيعون الفرار من أمره و محكمةعدله .. و لا تتصوروا- أيضا- أنّه لا يستطيعأن يجمع عظامكم النخرة بعد الموت و يكسوهاثوبا جديدا من الحياة .. وَ هُوَ عَلى‏كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ.

علاقة الدين بالدنيا:

ما يزال الكثير يظنون أن التدين هو العمللعمارة الآخرة و السعادة بعد الموت، و أنّالأعمال الصالحة هي الزاد و المتاع للدارالآخرة .. و لا يكترثون أبدا بأثر الدينالأصيل في الحياة الدنيا على حين أن الدينالصحيح في الوقت الذي يعمر الدار الآخرةيعمر «الدنيا» أيضا .. و طبيعي إذا لم يكنللدين أي تأثير على هذه الحياة الدنيا فلاتأثير له في الحياة الأخرى أيضا.

و القرآن الكريم يتعرض لهذا الموضوعبصراحة في آيات كثيرة، و ربّما يتناولأحيانا الجزئيات من هذه المسائل، كما وردفي سورة نوح عليه السّلام على لسان هذاالنّبي العظيم مخاطبا قومه فَقُلْتُاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَغَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَعَلَيْكُمْ مِدْراراً وَ يُمْدِدْكُمْبِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْلَكُمْ جَنَّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْأَنْهاراً «1».

(1) سورة نوح، 9- 11.