و بالمسائل المصيرية، فهؤلاء بسبب جهلهمو عدم معرفتهم و غرورهم- حين يسمعون تهديدالأنبياء في مؤاخذة المسيئين و معاقبتهم،ثمّ تمرّ عليهم عدّة أيّام يؤخر اللّهتعالى بلطفه فيها العذاب عنهم، نراهميقولون باستهزاء مبطن: ما السبب في تأخرّالعذاب الالهي، و أين عقاب اللّه: وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَإِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّما يَحْبِسُهُ.
و «الأمّة» مشتقّة من مادة «أمّ» و هيبمعنى الوالدة، و معناها في الأصل انضمامالأشياء بعضها إلى بعض، و لذلك يقال لكلمجموعة على هدف معين، أو زمان أو مكان واحد«أمة».
و قد جاءت هذه الكلمة بمعنى الوقت والزمان أيضا، لأنّ أجزاء الزمان مرتبطةبعضها ببعض، أو لأنّ المجموعة أو الجماعةتعيش في عصر و زمان معين، فنحن نقرأ فيسورة يوسف عليه السّلام الآية (45) مثلا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ..
ففي الآية- محل البحث- كلمة «الأمّة» جاءتبهذا المعنى، و لذلك و صفت بكلمة «معدودة»فمعنى الآية هو: إذا أخرنا عن هؤلاء العذابو المجازاة لمدّة قصيرة قالوا: أي شيءيمنعه؟! ..
و على كل حال، فهذه عادة الجاهلين والمغترين، فكلّما و جدوا شيئا لا ينسجم معميولهم و طباعهم عدّوه سخرية، لذلك يتخذونالتهديدات و النذر التي توقظ أصحاب الحق وتهزهم .. يتخذونها هزوا و يسخرون منهاشأنهم شأن من يلعب بالنّار.
لكن القرآن يحذرهم و ينذرهم بصراحة فيردّه على كلامهم، و يبين لهم أن لا دافعلعذاب اللّه إذا جاءهم أَلا يَوْمَيَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْو أن الذين يسخرون منه واقع بهم و مدمّرهموَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِيَسْتَهْزِؤُنَ.
أجل، ستصعد صرخاتهم إلى السماء في ذلكالحين، و يندمون على كلماتهم المخجلة، لكنلا صرخاتهم تغنيهم و تنقذهم، و لا هذاالندم ينفعهم، و لات حين