اللّه ليس بالأمر المشكل بالنسبة لقدرةاللّه تعالى.
إنّ رحمة اللّه تستوجب ألّا يحترقالأبرياء بنار الأشقياء المذنبين، و ألّايؤاخذ المؤمنون بجريرة غير المؤمنين وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُفَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ وهكذا هلكوا و صاروا «شذر مذر» و مضت آثارهممع الريح كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهاأَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْأَلا بُعْداً لِثَمُودَ عن لطف اللّه ورحمته.
1- نجد في هذه الآيات أن رحمة اللّهبالنسبة للمؤمنين واسعة و شاملة، بحيثتنقلهم جميعا إلى مكان آمن، و لا تحرقالأخضر و اليابس بالعذاب.
و من الممكن أن تحدث حوادث مؤلمة كالسيولو الأوبئة و الزلازل التي قد تأتي علىالصغير و الكبير، و ليست هذه الحوادثترجمة لعذاب اللّه، و إلّا فإنّه محال علىاللّه في منطق عدله أن يعذب حتى واحدابريئا بجرم ملايين المذنبين.
طبعا يمكن أن يوجد أناس ساكتون بين جماعةمذنبين فيؤخذوا بوزرهم، لأنّهم لايردعونهم عن الظلم و الفساد، فمصيرهم- إذا-سيكون كمصير المجرمين.
و لكنّهم إذا عملوا بواجبهم فمحال أن تنزلعليهم حادثة أو يحيق بهم العذاب «فصّلناهذا الموضوع في الأبحاث المرتبطة بمعرفةاللّه و نزول البلاء و الحوادث في كتبمعرفة اللّه» «1».
2- و يظهر جيدا من الآيات المتقدمة أنّعقاب المعاندين و الطغاة لا يختصّ بالجانبالمادي فحسب، بل يشمل الجانب المعنوي،لأنّ نتيجة أعمالهم و مصيرهم المخزي وحياتهم الملوّثة تسجل فصولها في التاريخبما يكون عارا عليهم، في حين يكتب التاريخحياة المؤمنين بسطور من ذهب و صحائف من
(1) في المجلد الخامس من التّفسير الأمثلوردت توضيحات مفيدة لفهم هذا المقصود.