و هنا أمور ينبغي ملاحظتها:
هناك بحث بين المفسّرين في مفهومي الفقيرو المسكين، هل أنّ مفهومهما واحد، و تكراراللفظين معا في الآية من باب التأكيدفتصبح موارد صرف الزكاة سبعة لا ثمانية،أم أنّهما لهما معنيان مختلفان؟
أغلب المفسّرين و الفقهاء قالوابالثّاني، لكن وقع البحث حتى بين أنصارهذا القول في تفسير و تحديد مفهوم كل منالكلمتين، و الذي يبدو أقرب للنظر، أنّالْفَقِيرَ هو الشخص الذي يعاني من حاجةمالية في حياته و معاشه مع أنّه يعمل ويكتسب، لكنّه لا يسأل أحدا مطلقا رغمحاجته لعفته و عزّة نفسه، أمّا المسكينفهو أشد حاجة من الفقير، و هو العاجز عنالعمل، فهو مضطر لأنّ يستعطي الناس ويسألهم. و الدليل على ذلك أنّ الأصل اللغويلكلمة مسكين مأخوذ من مادة السكون، لأنّالمسكين لشدة فقره كأنّه سكن و أخلد إلىالأرض.
ثمّ إنّ ملاحظة استعمال الكلمتين فيمواضع متعددة من القرآن يؤيد هذا الرأي،فمثلا: نقرأ في الآية (16) من سورة البلد:أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ و في الآية(8) من سورة النساء: وَ إِذا حَضَرَالْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَ الْمَساكِينُفَارْزُقُوهُمْ و يفهم من هذا التعبير أنّالمراد بالمساكين هم الذين يسألون ويستعطون إذا حضروا مثل هذه المواضع.
و في الآية (24) من سورة القلم نقرأ: أَنْ لايَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْمِسْكِينٌ و هي إشارة إلى السائلين.
و كذلك التعبير بـ (إطعام مسكين) أو (طعاممسكين)، فإنّه يوحي بأنّ المساكين همالجياع الذين يحتاجون إلى الطعام، في حينأنّنا نستطيع أن نفهم بوضوح- من خلال بعضالآيات القرآنية التي وردت فيها كلمةالفقير- أنّ المراد من الفقراء هم