بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَرَبِّهِ و بيّن شدّة هذا الطوفان.
لقد خرج يوسف من هذا الصراع منتصرا بوجهمشرق لثلاثة اسباب:
الاوّل: انّه التجأ الى اللّه و استعاذبه، و قال: مَعاذَ اللَّهِ.
الثّاني: التفاته الى الإحسان الذي اسداهاليه عزيز مصر، و ما تناوله في بيته فأثّرفيه، فلم ينس فضله طيلة حياته، و مع ملاحظةنعم اللّه التي لا تحصى و انقاذه له منغيابة الجبّ الموحشة الى محيط الامان والهدوء جعلته يفكّر في ماضيه و مستقبله، ولا يستسلم للتيارات العابرة.
الثّالث: بناء شخصيّته و عبوديّتهالمقرونة بالإخلاص التي عبّر عنها القرآنإِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَيستفاد منها انّها منحته القوّة و القدرةليخرج من ميادين الوسوسة التي تهجم عليهمن الداخل و الخارج بانتصار.
و هذا درس كبير لجميع الناس الأحرار الذينيريدون ان ينتصروا على عدوّهم الخطر فيميادين جهاد النفس.
يقول الامام علي بن أبي طالب «اميرالمؤمنين» في دعاء الصباح، بأسلوب جميلرائق: «و ان خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان، فقد وكلني خذلانك الى حيث النصبو الحرمان».
و نقرا
في بعض الأحاديث انّ النّبي صلّى اللهعليه وآله وسلّم بعث سرية فلمّا رجعوا قال:
«مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر، و بقيعليهم الجهاد الأكبر» فقيل: يا رسولاللّه، و ما الجهاد الأكبر قال: «جهادالنفس» «1».
و يقول الامام علي عليه السّلام ايضا«المجاهد من جاهد نفسه» «2».
كما ينقل عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال:«من ملك نفسه إذا رغب و إذا رهب و إذا اشتهىو إذا غضب و إذا رضي حرّم اللّه جسده علىالنار» «3».
(1) وسائل الشيعة، ج 11، ص 122. (2) المصدر السابق، ص 124. (3) المصدر نفسه، ص 123.