أضيافه على كل حال، و هتك حرمتهم هتكلحرمة لوط. او لانّهم أرادوا ان يفهموالوطا بأنّهم رسل اللّه، و انّ عدم وصولقومه إليهم بالاساءة امر مسلّم به، بل حتىلوط نفسه الذي هو رجل من جنس أولئك لنيصلوا اليه بسوء، و ذلك بلطف اللّه و فضله.
نقرا في الآية (37) من سورة القمر وَ لَقَدْراوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْناأَعْيُنَهُمْ و هذه الآية تدل على انهؤلاء الجماعة الذين أرادوا السوء بأضيافلوط، فقدوا بصرهم بإذن اللّه، فلميستطيعوا الهجوم عليهم. و نقرا في بعضالرّوايات- ايضا- انّ احد الملائكة غشّىوجوههم بحفنة من التراب فعموا جميعا.
و على كل حال، فاطلاع لوط عليه السّلامعلى حال أضيافه و مأموريتهم نزل كالماءالبارد على قلبه المحترق و احسّ بلحظةواحدة ان ثقلا كبيرا من الغمّ و الحيرة قدازيل عن قلبه، و أشرقت عيناه بالسرور والبهجة، و علم انّ مرحلة الغم و الحيرةأشرفت على الانتهاء، و دنا زمن السرور والنجاة من مخالب هؤلاء القوم المنحرفينالمتوحشين.
ثمّ امر الأضياف لوطا- مباشرة- ان يرحل هوو اهله من هذه البلدة و قالوا:
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَاللَّيْلِ «1».
و لكن كونوا على حذر وَ لا يَلْتَفِتْمِنْكُمْ أَحَدٌ الى الوراء إِلَّاامْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ماأَصابَهُمْ لتخلّفها عن امر اللّه وعصيانهم مع العصاة الظلمة.
و في قوله تعالى: لا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْأَحَدٌ عند المفسّرين احتمالات عديدة.
الاوّل: لا ينظر احد الى ورائه مديرا وجههالى الخلف.
الثّاني: لا تفكروا بما تركتم خلفكم منالأموال و وسائل المعاش، انّما عليكم
(1) «أسر» مشتق من «الاسراء» و هو المسيرليلا، و ذكر الليل في الآية من باب توكيدالموضوع، و القطع معناه ظلمة الليل، اشارةالى ان يتحرك و الناس نيام او مشغولون عنهبالشراب و حلك الليل ليخرج وهم في غفلةعنه.