فبناء على هذا لم يكن يوسف و هو نبيّ اللّهيسمح لأحد ان يسجد له و يعبده من دوناللّه، و لا النّبي العظيم يعقوب كانيقدّم على مثل هذا الأمر، و لا القرآنالكريم كان يعبّر عنه بأنّه عمل جدير اوعلى الأقل عمل مجاز.
فبناء على ذلك فإنّ السجود المشار اليه فيالآية- محلّ البحث- امّا انّه كان «سجدةالشكر» للّه تعالى الذي اولى يوسف هذهالمواهب و المقام العظيم، و فرّج عن آليعقوب كربهم و أزال عنهم همومهم، و هذاالسجود في الوقت الذي كان للّه، بما انّهكان من اجل عظمة موهبة يوسف، فإنّه كانيعتبر تعظيما و تكريما ليوسف ايضا، و منهذا المنطلق فإنّ الضمير في (له) الذي يعودعلى يوسف قطعا ينسجم و هذا المعنى تماما.
او انّ المراد من السجود هو مفهومهالواسع، اي الخضوع و التواضع، لانّالسجدة- او السجود- لا يأتي اي منهمابمعناه المعروف دائما، بل ربّما يرد بمعنىالخضوع و التواضع أحيانا، فلذا قال بعضالمفسّرين: انّ التحيّة او التواضعالمتداول آنئذ كان الانحناء و التعظيم، وانّ المراد من السجود في الآية هو هذاالمعنى.
الّا انّه مع الالتفات الى جملة «خرّوا»التي يعني مفهومها الهويّ نحو الأرض فإنّهلا يستفاد من السجود في الآية الانحناء والخضوع (هنا).
و قال بعض المفسّرين العظام: انّ سجوديعقوب و اخوة يوسف و امّهم كان للّهسبحانه، الّا انّ يوسف كان- بمثابة الكعبة-قبلة لهم، و لهذا جاء في بعض تعابير العربقولهم: فلان صلّى للقبلة «1».
الّا انّ المعنى الاوّل يبدو اقرب للنظر،و خاصّة
انّ بعض الرّوايات الواردة عن اهل البيتعليهم السّلام تقول: «كان سجودهم للّه، اوعبادة للّه» «2».
(1) راجع تفسير الميزان، و تفسير الفخرالرازي ذيل الآية محل البحث. (2) تفسير نور الثقلين، ج 2، ص 467.