و الكفران، و ذلك ضمن الكلام الذي نقل عنلسان موسى عليه السّلام وَ قالَ مُوسىإِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِيالْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَلَغَنِيٌّ حَمِيدٌ «1».
انّ الشكر و الايمان باللّه- في الواقع-سبب في زيادة النعم و التكامل الانساني، والّا فاللّه عزّ و جلّ ليس بحاجة الى ايشيء، و لو كفرت جميع الكائنات و لم تحمدهلا تمسّ كبرياءه بأدنى ضرر، لانّه حميد فيذاته.
و لو كان محتاجا لم يكن واجب الوجود، و علىهذا فمفهوم الغني هو اشتماله لجميعالكمالات، و إذا كان كذلك فهو محمود فيذاته، لانّ «الحميد» من استحقّ الحمد.
ثمّ يشرح مصير الفئات من الأقوام السابقةضمن عدّة آيات، الفئات التي كفرت بأنعماللّه و خالفت الدعوة الالهيّة، و هيتأكيد للآية السابقة يقول تعالى:
أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَمِنْ قَبْلِكُمْ.
يمكن ان تكون هذه الجملة تعقيبا على كلامموسى، او بيان مستقلّ يخاطب به المسلمين،لكن النتيجة غير متفاوتة كثيرا، ثمّ يضيفتعالى: قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ فهؤلاء لميطّلع على اخبارهم الّا اللّه لايَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ «2».
ممّا لا شكّ فيه انّ قسما من اخبار قوم نوحو عاد و ثمود و الذين من بعدهم قد وصلتنا، ولكن لم يصلنا القسم الأكبر منها و لايعلمها الّا اللّه، فتاريخ الأقوامالماضية مليء بالاسرار و الخصوصيّاتبحيث لم يصل إلينا منها الّا القليل. و لكييوضّح القرآن الكريم مصيرهم يقول:جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِفَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِيأَفْواهِهِمْ اي وضعوا أيديهم علىأفواههم من التعجّب و الإنكار وَ قالُواإِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْبِهِ
(1) «إِنْ تَكْفُرُوا» جملة شرطيّةتقديرها محذوف، و جملة «انّ اللّه لغنيحميد» تدلّ على ذلك و كان التقدير «انتكفروا ... لا تضرّوا اللّه شيئا». (2)- جملة لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُقد تكون معطوفة على ما قبلها و الواومحذوفة، و قد تكون جملة وصفية للجملةالسابقة.