الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْوَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ، وكالآية (35) من سورة المرسلات حيث نقرا: هذايَوْمُ لا يَنْطِقُونَ.
و لهذا السبب قال بعض المفسّرين الكبار:انّ التكلم هناك «يوم القيامة» لا مفهومله أساسا. لانّ التكلم وسيلة لكشف باطنالأشخاص و داخلهم، و لو كان لدينا احساسنستطيع ان نطّلع به على أفكار كل شخص لميكن حاجة الى التكلم ابدا.
فعلى هذا لمّا كانت الأسرار و جميعالأشياء تنكشف «يوم القيامة» على حالة«الظهور و البروز» فلا معنى للتكلم أصلا.
و ببيان آخر: انّ الدار الآخرة دار مكافأةو جزاء لا دار عمل، و على هذا فلا معنى هناكلاختيار الإنسان و تكلمه حسب رغبته وارادته، بل هو الإنسان و عمله و ما يتعلقبه، فلو أراد التكلم فلا يكون كلامه عناختيار و ارادة و حاكيا عمّا في ضميره كمافي الدنيا، بل كل ما يتكلم به هناك فهو نوعمن الانعكاس عن اعماله التي تظهر جليّةذلك اليوم. اي انّ الكلام هناك ليس كالكلامفي الدنيا بحيث يستطيع الإنسان على حسبميله ان يتكلم صادقا او كاذبا.
و على كل حال فإنّ ذلك اليوم هو يوم كشفحقائق الأشياء و عودة الغيب الى الشهود، ولا شبه له بهذه الدنيا.
و لكن هذا الاستنتاج من الآية المتقدّمةلا ينسجم مع ظاهر الآيات الأخرى فيالقرآن، لأنّ القرآن يتحدث عن كثير منكلام المؤمنين و المجرمين و القادة والجبابرة و أتباعهم، و الشيطان والمنخدعين به، و أهل النّار و أهل الجنّة،بحيث يدل على انّ هناك كلاما كالكلام فيهذه الدنيا أيضا.
حتى انّ بعض الآيات يستفاد منها انّ قسمامن المجرمين يكذبون في ردهم على بعضالاسئلة، كما هو مذكور في سورة الانعامالآيات (22) الى (24) حيث تقول الآيات