و اعتبر بعض المفسّرين أنّ جملة لَمْيَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً تعني فصاحة ألفاظالقرآن و كلمة «قيما» تعني البلاغة والاستقامة بالرغم من عدم امتلاكهم لأيدليل واضح على هذا التباين «1»، و الظاهرأنّ الكلمتين تؤكّد كل منهما الأخرى، معفرق أن كلمة «قيّم» لها مفهوم واسع، و تعنياضافة إلى معنى الاستقامة، المحافظ والمصلح للكتب المساوية الأخرى «2».
بعد الإنذار العام الذي وجهته الآيات فيالبداية لكافة البشر، وجهت الآياتالمذكورة آنفا إنذارا خاصّا للذين ادّعوابأنّ للّه ولدا و هذا ما يوضح خطورةالانحراف العقائدي الذي أصاب المسيحيين واليهود و المشركين، و انتشر بصورة واسعةفي الأجواء التي نزل القرآن، و من الطبيعيفإنّ انتشار مثل هذه الأفكار يقضي على روحالتوحيد في ذلك المجتمع، إذ حدّوا اللّهسبحانه و تعالى بحدود مادية و جسمية، وأنّه يمتلك عواطف و أحاسيس بشرية، إضافةإلى وجود أكفاء و شركاء له، و أنّه يحتاجإلى الآخرين.
و بسبب هذه المعتقدات نزلت آيات عديدةللردّ على تلك الشبهات، و منها الآية (68) فيسورة يونس: قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُوَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ والآيات من (88) إلى (91) في سورة مريم: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداًلَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا، تَكادُالسَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّالْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْالِلرَّحْمنِ وَلَداً.
و ما جاء في هذه الآيات المباركة يوضحقوّة الرّد الإلهي على تلك الادعاءات، حيثأكّدت على العقاب الشديد الذي ينتظر منيعتقدون بمثل هذه
1- روح المعاني، المجلد 15، أثناء تفسيرالآية. 2- «قيم» من الناحية اللغوية «حال» و عامله«أنزل».