هذه الأسباب و الوسائل بأفضل وجه ممكن:فَأَتْبَعَ سَبَباً.
لذلك فإنّ من يظن أنّه سيحصل على النصر مندون تهيئة أسبابه و مقدماته، فإنّه لا يصلإلى مرامه حتى لو كان ذا القرنين نفسه! 2-بالرغم من أنّ غروب الشمس في عين من ماءآسن سببه خطأ في الباصرة و اشتباه منها،إلّا أنّ المعنى الذي نلمحه من هذا المثالهو إمكان تغطية الشمس مع عظمتها بالعينالآسنة و مثلها في ذلك مثل ذلك الإنسانالعظيم الذي يسقط و ينهار بسبب خطأ واحدفتغرب شخصيته من انظار الناس.
3- لا تستطيع أي حكومة أن تنتصر بدون ترغيبالأنصار و الأتباع، و معاقبة المذنبين والمخطئين، و هذا هو نفس الأساس الذي اعتمدعليه ذو القرنين حيث قال: قالَ أَمَّا مَنْظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ... وَ أَمَّامَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُجَزاءً الْحُسْنى.
و الإمام أمير المؤمنين علي عليه السّلامبلور هذا المعنى في رسالته إلى مالكالأشتر و التي هي برنامج كامل لإدارةالبلاد، إذ
يقول عليه السّلام: «و لا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإنّ في ذلكتزهيدا لأهل الإحسان في الإحسان، و تدريبالأهل الإساءة على الإساءة» «1».
4- التكليف الشاق و التصعّب في الأمور وتحميل الناس ما لا يطيقون، كل هذه الأمورلا تناسب الحكومة الإلهية العادلة أبدا، ولهذا السبب فإنّ ذا القرنين بعد أن صرّحبمعاقبة الظالمين و تشويق الصالحين، أضاف:وَ سَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراًحتى يمكن إنجاز الأعمال عن شوق و رغبة.
5- الحكومة الكبيرة ذات الإمكانات الواسعةلا تتغاضى عن التفاوت و الاختلاف القائمفي حياة الناس و تراعى شرائط حياتهمالمختلفة، و لهذا السبب فإنّ «ذو القرنين»صاحب الحكومة الإلهية و الذي واجهته أقواممختلفة، كان
1- نهج البلاغة، الرسالة رقم 53.