أجل أن يروا العقاب الإلهي الشديد، فإنّاللّه سبحانه يجعلهم أحيانا يغوصون ويغرقون في النعم لتصبح سببا لغرورهم، كماتكون سببا لنزول العذاب عليهم، فإنّ سلبالنعم عنهم حينئذ سيجعل لوعة العذاب أشد. وهذا هو ما ذكر في بعض آيات القرآن بعنوانعقاب «الاستدراج» «1».
جملة فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُمَدًّا و إن كانت بصيغة الأمر، إلّا أنّهابمعنى الخبر، فمعناها: إنّ اللّه يمهلهؤلاء و يديهم عليهم النعم.
و قد فسرها بعض المفسّرين بنفس معنى الأمرأيضا، و أنّه يعني هنا اللعنة، أو وجوب مثلهذا العمل و المعاملة على اللّه. إلّا أنّالتّفسير الأوّل يبدو هو الأقرب.
و كلمة (العذاب) بقرينة وقوعها في مقابل(الساعة) فإنّها إشارة إلى العقوباتالإلهية في عالم الدنيا، عقوبات كطوفاننوح، و الزلزلة، و الحجارة السماوية التينزلت على قوم لوط. أو العقوبات التي أصيبوابها على يد المؤمنين و المقاتلين في جبهاتالحق، كما نقرأ في الآية (14) من سورةالتوبة: قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُاللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ.
«الساعة» هنا إمّا بمعنى نهاية الدنيا،أو العذاب الإلهي في القيامة. و يبدو لناأن المعنى الثّاني هو الأنسب.
هذه عاقبة و مصير الظالمين المخدوعينبزخرف الدنيا و زبرجها، أمّا أولئك الذينآمنوا و اهتدوا، فإنّ اللّه يزيدهم هدى وإيمانا وَ يَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَاهْتَدَوْا هُدىً.
من البديهي أن للهداية درجات، فإذا طوىالإنسان درجاتها الأولى فإنّ اللّه يأخذهبيده و يرفعه إلى درجات أعلى، و كما أنّالشجرة المثمرة تقطع كل يوم
1- راجع ذيل الآيات 182، 183 من سورة الأعراف.