امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 10 -صفحه : 540/ 249
نمايش فراداده

الوقت الحاضر فإنّ هذا السجل مفتوح، وتقرأ كلّ رسومه و خطوطه، و كلّ منها فيمكان معيّن، أمّا إذا صدر الأمر الإلهيبقيام القيامة فإنّ هذا السجل العظيمسيطوى بكلّ رسومه و خطوطه.

طبعا، لا يعني طي العالم الفناء كمايتصوّر البعض، بل يعني تحطّمه و جمعه، وبتعبير آخر: فإنّ شكل العالم و هيئتهستضطرب و يقع بعضه على بعض، لكن لا تفنىمواده، و هذه الحقيقة تستفاد من التعبيراتالمختلفة في آيات المعاد، و خاصة من آياترجوع الإنسان من العظام النخرة، و منالقبور.

ثمّ تضيف كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍنُعِيدُهُ و هذا التعبير يشبه التعبيرالذي ورد في الآية (29) من سورة الأعراف:كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ أو أنّه مثلتعبير وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُاالْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَأَهْوَنُ عَلَيْهِ «1» «2».

أمّا ما احتمله بعض المفسّرين من أنّالمراد من هذا الرجوع هو الرجوع إلىالفناء و العدم، أو التلاحم و الارتباطكما في بداية الخلق، فيبدو بعيدا جدّا.

و في النهاية تقول الآية: وَعْداً «3»عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ «4».

و يستفاد من بعض الرّوايات أنّ المراد منرجوع الناس إلى الحالة الأولى، هو أنّهميرجعون حفاة عراة مرّة أخرى كما كانوا فيبداية الخلق. و لكن لا شكّ أنّ هذا لا يعنيانحصار معنى الآية في ذلك و اقتصاره عليه،بل إنّه أحد صور رجوع الخلق إلى الصورةالأولى «5».

1- سورة الروم، 27.

2- كما قلنا سابقا، فإنّه لا يوجد صعب و سهلبالنسبة إلى قدرة اللّه اللامتناهية، بلكلّ شي‏ء متساو مقابل قدرته، و على هذافإنّ التعبير المستعمل في الآية أعلاهإنّما هو بالنسبة لمحدودية فهم البشر،دقّقوا ذلك.

3- «وعدا» مفعول لفعل مقدّر تقديره: وعدنا.

4- هذه الجملة تتضمّن عدّة تأكيدات، فلفظةالوعد، ثمّ التعبير بـ (علينا) و بعدهاالتأكيد بـ (إنّا) ثمّ استعمال الفعلالماضي (كنّا) و كذلك كلمة (فاعلين).

5- مجمع البيان، ذيل الآيات مورد البحث.