امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 10 -صفحه : 540/ 372
نمايش فراداده

مرسل من اللّه، يعترفون بأنّه إنسانمفكّر واع حقّق أعطم الانتصارات. فهل يمكنلمن شعاره الأساس «لا إله إلّا اللّه»، وجهاده الرافض لأيّ نوع من أنواع الشرك والوثنيّة. و حياته برهان على الإباء و رفضالأصنام، يترك فجأة سيرته تلك ليشيدبالأوثان؟! و من كلّ هذا نستنتج أنّ اسطورةالغرانيق من وضع أعداء سذّج و مخالفين لايخافون اللّه، اختلقوا هذا الحديث لإضعافمنزلة القرآن و الرّسول صلّى الله عليهوآله وسلّم، لهذا نفى جميع الباحثينالإسلاميين من السنّة و الشيعة هذا الحديثبقوّة و اعتبروه مختلقا «1».

و ذكر بعض المفسّرين تبريرا لهذه الإضافةبالقول: على فرض صحّة الحديث، إلّا أنّالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كانيتلو سورة النجم و بلغ أَ فَرَأَيْتُمُاللَّاتَ وَ الْعُزَّى وَ مَناةَالثَّالِثَةَ الْأُخْرى‏ استغلّ بعضالمشركين المعاندين هذه الفرصة، فنادىبلحن خاص «تلك الغرانيق العلى و إنّشفاعتهن لترتجى» فأشكلوا على الناسبالتشويش على كلام الرّسول صلّى الله عليهوآله وسلّم. إلّا أنّ الآيات اللاحقةردّتهم بإدانتها الشديدة لعبادة الأصنام«2».

و يتّضح أنّ بعضهم وجد في اسطورة الغرانيقنوعا من الرغبة لدى الرّسول صلّى اللهعليه وآله وسلّم في كسب الوثنيين إلى صفوفالمسلمين، إلّا أنّ هذا القول يعني ارتكابهؤلاء المفسّرين خطأ كبيرا، و يدلّ علىأنّ هؤلاء المسوّغين للوثنية لم يدركواموقف الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّمإزاءها، رغم أنّ المشهود تاريخيّا هو رفضالرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم العطاءالسخيّ من المشركين مقابل العدول عنرسالته الإسلامية ...

أو أنّ هؤلاء المبرّرين يتجاهلون ذلكمتعمّدين.

1- مجمع البيان، تفسير الفخر الرازي،القرطبي، في ظلال القرآن، تفسير الصافي،روح المعاني، و الميزان، و تفاسير أخرىللآيات موضع البحث.

2- تفسير القرطبي، المجلّد السابع، صفحة447- و المرحوم الطبرسي في مجمع البيان ذكرهأيضا كأمر محتمل.