ثانيا: إنّ الأغنياء غيّر اللّه تعالىغناهم ظاهري، و إذا كانوا كرماء فإنّكرمهم في الواقع ليس منهم، بل من لطف اللّهسبحانه و قديم إحسانه، فكلّ إمكاناتهمإنّما هي من أنعم اللّه. فاللّه وحده هوالغني بذاته و الجدير بكلّ حمد و ثناء.
ثالثا: لأنّ الأغنياء يعملون ما يفيدهم أويتوخّون فائدته، أمّا ربّ العالمينسبحانه و تعالى، فيجود و يرحم و يعفو دونحساب، و لا ابتغاء فائدة، و لا سدّ حاجة، وإنّما يفعل ذلك كرما منه و رحمة، فهو أهلالحمد و الثناء بلا شريك.
و تشير الآية التالية إلى نموذج آخر منتسخير اللّه تعالى الوجود للإنسان أَ لَمْتَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِيالْأَرْضِ و جعل تحت اختياركم جميعالمواهب و الإمكانات فيها لتستفيدوا منهابأي صورة تريدون، و كذلك جعل السفن والبواخر التي تتحرّك و تمخر عباب البحاربأمره نحو مقاصدها. الْفُلْكَ تَجْرِي فِيالْبَحْرِ بِأَمْرِهِ إضافة إلى وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَىالْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ فالكواكب والنجوم تسير في مدارات محدّدة بأمر اللّهسبحانه و تعالى، كلّ ذلك لتسير في فاصلةمحدّدة لها عن الكواكب الاخرى، و تمنعاصطدام بعضها ببعض.
و خلق اللّه طبقات جويّة حول الأرض لتحولدون وصول الأحجار السائبة في الفضاء إلىالأرض و إلحاق الضرر بالبشر.
و ذلك من رحمة اللّه لعباده و لطفه بهم،فقد خلق الأرض آمنة لعباده، فلا تصل إليهمالأحجار السائبة في الفضاء، و لا تصطدمالأجرام الأخرى بالأرض. و هذا ما نلمسه فيختام الآية المباركة إِنَّ اللَّهَبِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ.
و تتناول الآية الأخيرة أهمّ قضيّة فيالوجود، أي قضيّة الحياة و الموت فتقول:
وَ هُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ أي كنتمترابا لا حياة فيه فألبسكم لباس الحياةثُمَّ يُمِيتُكُمْ و بعد انقضاء دورةحياتكم يميتكم ثُمَّ يُحْيِيكُمْ أييمنحكم حياة جديدة يوم البعث.
و تبيّن الآية ميل الإنسان إلى نكران نعماللّه عليه قائلة: إِنَّ الْإِنْسانَلَكَفُورٌ