بِجُنُودِهِ «1».
ممّا لا ريب أنّ جيش فرعون كان مكرها فيالبداية على أن يسير في هذا المكان الخطيرالمجهول، و يتعقّب بني إسرائيل، و كانتمشاهدة مثل هذه المعجزة العجيبة كافية علىالأقل أن يمتنعوا عن الاستمرار في السيرفي هذا الطريق، إلّا أنّ فرعون الذي ركبالغرور و العصبية رأسه، و غرق في بحرالعناد و الحماقة، لم يهتمّ لهذه المعجزةالكبيرة، و أمر جيشه في المسير في هذهالطرق البحرية المربية حتّى دخل من هذهالجهة آخر جندي فرعوني، في وقت خرج منالجانب الآخر آخر فرد من بني إسرائيل.
في هذه الأثناء صدر الأمر لأمواج المياهأن ترجع إلى حالتها الأولى، فوقعت عليهمالأمواج كما تسقط البناية الشامخة إذاهدّمت قواعدها فَغَشِيَهُمْ مِنَالْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ «2». و بذلك فقدغاص ملك جبّار ظالم مع جنوده و جيشهالقهّار في وسط أمواج الماء، و أصبحواطعمة جاهزة لسمك البحر!.
أجل، وَ أَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى.
صحيح أنّ جملة (أضلّ) و جملة (ما هدى) تعطيمعنى واحدا تقريبا، و ربّما كان هذا هوالسبب في أن يعتبرها بعض المفسّرينتأكيدا، إلّا أنّ الظاهر أنّ هناك تفاوتافيما بينهما، و هو أنّ (أضلّ) إشارة إلىالإضلال، و (ما هدى) إشارة إلى عدم الهدايةبعد وضوح الضلالة.
و توضيح ذلك: إنّ القائد قد يخطئ أحيانا، ويجرّ أتباعه إلى طريق منحرف، إلّا أنّهبمجرّد أن ينتبه إلى خطئه يعيدهم إلى طريقالصواب. إلّا أنّ فرعون كان
1- و هناك احتمال آخر في تفسير الجملة آنفةالذكر، و هو أنّ الباء في (بجنوده) قد تكونبمعنى (مع)، و يصبح مجموع الجملة بهذاالمعنى: إنّ فرعون قد عقّب بني إسرائيل معجنوده، مع أنّه لا يوجد اختلاف بين هذينالتّفسيرين. 2- «اليمّ» يعني البحر و النهر العظيم. ويعتقد بعض المحقّقين أن هذه لغة مصريةقديمة و ليست عربية. و لمزيد الإيضاح راجعهامش ذيل الآية (136) من سورة الأعراف.