وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْلَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ. و تفسير هذه المسألة ليسصعبا للأسباب الآتية:
الف- لا شكّ في أنّ أهواء الناس متفاوتة، وقد ينقض بعضها بعضا، حتّى بالنسبة لشخصواحد فقد تتناقض أهواؤه.
و لو استسلم الحقّ لهذه الأهواء لنتج عنذلك الفساد و عمّت الفوضى. لماذا؟
لأنّ كلّ فرد له صنم و معبود، فلو حكمت هذهالآلهة الكثيرة و المتضادّة هذا العالمالمترامي الأطراف، لظهر الفساد و تعمّالفوضى من جرّاء ذلك، و هذا لا يخفى علىأحد.
ب- إنّ أهواء الناس مع قطع النظر عنتناقضها، فهي تميل نحو الفساد و الشرّ و لوسادت الوجود و المجتمع البشري، فالنتيجةلا تكون سوى الفساد و الشرّ.
ج- إنّ الميول و الأهواء ذات بعد واحد، ولا تنظر إلى الأمور إلّا من زاوية واحدة وتغفل عن بقيّة الأبعاد، و من المعلوم أنّأحد العوامل المهمّة في الفساد و الخرابهو المنهج ذو البعد الواحد الذي يغفل عنالأبعاد الاخرى.
و الآية محلّ البحث تشبه من بعض جوانبهاما ورد في الآية الثّانية و العشرين منسورة الأنبياء لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌإِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا.
و بديهي أنّ الحقّ كالصراط المستقيم واحدلا نظير له، بينما الأهواء النفسيةمتعدّدة كأوثان المشركين. فأيّما نتّبعالحقّ أم الهوى؟ أ نتّبع الهوى الذي هومصدر الفساد في السّماء و الأرض و في جميعالموجودات، أم الحقّ الذي هو رمز الواحدة،و التوحيد و النظام و الانسجام؟
الجواب في غاية الوضوح و الإشراق.
2- صفات القائد
أوضحت الآيات السابقة عددا من صفاتالقادة إلى طريق الحقّ، فهم