و بالمعاد.
و بعد ذكر خلق الإنسان، تناولت الآيةالمذكورة آنفا دلائل أخرى من بديع صنعاللّه تعالى وَ هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَ لَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ.
و بهذا الترتيب بدأ البيان القرآني منالدافع لاستيقاظ القلب و انبعاثه علىمعرفة ربّه سبحانه و انتهى بذكر بعض أهمّالآيات الأنفسيّة و الآفاقية، فالقولالمبارك استعرض مسيرة الإنسان منذالولادة حتّى الموت و العودة إلى اللّهتعالى، التي تتمّ مراحلها جميعا بإرادةاللّه العزيز الحكيم.
و ممّا يلفت النظر جعل اللّه الموت والحياة إلى جانب اختلاف الليل و النهار، وذلك لكون النور و الظلام في عالم الوجودكالموت و الحياة للكائنات، فمثلما يجدالخلق حركته و نشاطه بين أفواج النور، ويستخفي بين أستار الظلام، كذلك تبدأالأحياء حركتها و نشاطها في نور الحياة، وتستخفي في ظلمة الموت، و لكليهما صفةالتدرّج.
و سبق أن قلنا بأنّ «اختلاف» الليل والنهار قد يعني تواليهما حيث يخلف الليلالنهار، و يخلف النهار الليل. و قد يعنياختلافهما و تفاوتهما التدريجي الذي يوجدالفصول الأربعة، و يقود دورة الحياة فيعالم النبات في ظلّ نظام دقيق.
و كلّ هذه المسائل يمكن أن تكون السبيلإلى معرفة اللّه، إذا انتبه لها الإنسان وتأمّلها بفطنة.
و لهذا تقول الآية في النهاية: أَ فَلاتَعْقِلُونَ؟!