امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 10 -صفحه : 540/ 488
نمايش فراداده

ثمّ بيّنت الآية بطلان الشرك: أنّه لو كانهناك آلهة متعدّدة تحكم العالم، فسيكونلكلّ إله مخلوقاته الخاصّة به يحكم عليهاو يدبّر أمورها.

و سيكون تبعا لذلك أنظمة متعدّدة للعالم،لأنّ كلّ واحد من الآلهة يدير منطقتهبنظام خاص إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍبِما خَلَقَ و هذا ينافي وحدة النظامالحاكم في هذا العالم.

وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ و هذهنتيجة محتومة لكلّ صراع، إذ يسعى كلّ طرففيه لغلبة الآخرين و الهيمنة عليهم، و هذاسيكون بذاته سببا آخر لتفكّك النظامالموحّد السائد في العالم.

و جاء في ختام الآية تقديس للّه سبحانهسُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ.

و زبدة الكلام ما نجده بوضوح من سيادةنظام موحّد لساحة الوجود كلّه.

فالقوانين السائدة لهذا العالم في أرضه وسمائه واحدة، و النظام الحاكم لذرّة واحدةهو ذاته يحكم المجموعة الشمسيّةالمنظومات الكبيرة، و لو أتيحت لنا صورةمكبّرة لذّرة واحدة لحصّلنا على شكلالمنظومة الشمسيّة، و العكس صحيح.

و قد برهن العلماء في تجاربهم في مختلفالعلوم، باستخدام أدقّ الأجهزة و أحدثهاعلى وحدة النظام السائد لهذا العالم كلّه.هذا من جهة.

و من جهة أخرى إنّ الاختلاف و التباينيلازمان التعدّد دوما. فلو تشابهت صفاتشيئين تمام التشابه لكانا شيئا واحدا، إذلا معنى لثنائيتهما عندئذ، و لو فرضنالهذا العالم آلهة عديدة لوقع أثر هذاالتعدّد على مخلوقات العالم و النظامالحاكم له، و لانتفت وحدة نظام الخلق.

مضافا إلى أنّ كلّ موجود لا بدّ أن يسعىلاستكمال وجوده إلّا الوجود الكامل من كلّجهة فلا معنى للتكامل في وجوده حينئذ، فلوفرضنا وجود مناطق خاصّة لكلّ إله من هذهالآلهة المزعومة، و طبعا لا يكون لكلّمنها كمال مطلق،