امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 10 -صفحه : 540/ 97
نمايش فراداده

فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى‏.

و من أجل أن يتّضح أيضا مصير الذين ينسونأمر الحقّ، فقد أضاف تعالى وَ مَنْأَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُمَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَالْقِيامَةِ أَعْمى‏.

هنا قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيأَعْمى‏ وَ قَدْ كُنْتُ بَصِيراً؟ فيسمعالجواب مباشرة:

قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنافَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَتُنْسى‏ و تعمى عينك عن رؤية نعم اللّه ومقام قربه.

أمّا الآية الأخيرة من الآيات محلّ البحثفهي بمثابة الاستنتاج و الخلاصة إذ تقول:وَ كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَ لَمْيُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَ لَعَذابُالْآخِرَةِ أَشَدُّ وَ أَبْقى‏.

بحوث‏

1- الغفلة عن ذكر الحقّ و آثارها

قد توصد أحيانا كلّ أبواب الحياة بوجهالإنسان، فكلّما أقدم على عمل يجد الأبوابالمغلقة، و قد تنعكس الصورة فأينما اتّجهيرى الأبواب مفتّحة في وجهه، و قد تهيأت لهمقدّمات العمل، و لا يواجه عقبات فيطريقه، فيعبّر عن هذه الحالة بسعة العيش ورغده، و عن الأولى بضيق المعيشة و شظفها، والمراد من قوله تعالى:

مَعِيشَةً ضَنْكاً «1» الوارد في الآياتمحلّ البحث هو هذا المعنى أيضا.

و قد يكون ضيق العيش ناتجا أحيانا من قلّةالمورد، و قد يكون المرء كثير المال موفورالثراء. إلّا أنّ البخل و الحرص و الطمعيضيق عليه معاشه، فلا يميل إلى فتح بابداره للآخرين لمشاركته نعيمه، بل و لايميل إلى الإنفاق على نفسه أيضا، و على‏

قول الإمام علي عليه السّلام: «يعيش عيشالفقراء و يحاسب حساب‏

1- الضنك: المشقّة و الضيق، و هذه الكلمةتأتي دائما بصيغة المفرد، و ليس لها تثنيةو لا جمع و لا تأنيث.