امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 14 -صفحه : 618/ 108
نمايش فراداده

لنكوننّ أهدى من إحدى الأمم» «1». فلمّاأشرقت شمس الإسلام من أفق بلادهم، و جاءهمالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بالكتابالسماوي، رفضوا، بل كذّبوا، و حاربوا، ومارسوا أنواع المكر و الخديعة.

فنزلت الآيات أعلاه تلومهم و توبّخهم علىادّعاءاتهم الفارغة.

التّفسير

استكبارهم و مكرهم سبب شقائهم

تواصل هذه الآيات الحديث عن المشركين ومصيرهم في الدنيا و الآخرة.

الآية الاولى تقول: وَ أَقْسَمُوابِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْجاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى‏مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ «2».

«أيمان» جمع «يمين» بمعنى القسم، و فيالأصل فإنّ معنى اليمين هو اليد اليمنى، واليمين في الحلف مستعار منها اعتبارا بمايفعله المعاهد و المحالف و غيره منالمصافحة باليمين عندها.

«جهد»: من «الجهاد» بمعنى السعي والمشقّة، و بذا يكون معنى جَهْدَأَيْمانِهِمْ حلفوا و اجتهدوا في الحلفعلى أن يأتوا به على أبلغ ما في وسعهم.

نعم، فعند ما طالعوا صفحات التأريخ، واطّلعوا على عدم وفاء و عدم شكر تلكالأقوام و جناياتهم بالنسبة إلى أنبيائهمو خصوصا اليهود، تعجّبوا كثيرا و ادّعوالأنفسهم الادّعاءات و تفاخروا على هؤلاءبأن يكون حالهم أفضل منهم.

1- أغلب التفاسير.

2- لأنّ «إحدى» جاءت بصيغة المفرد، فمعنىالآية «أنّهم سيكونون أكثر اهتداء منواحدة من الأمم» و قد تكون الإشارة إلىاليهود (لأنّ صيغة المفرد في الجملةالمثبتة ليس فيها معنى العموم) يبدو ذلكللوهلة الاولى، و لكن كما أشار بعضالمفسّرين فإنّ قرائن الحال تشير إلى أنّالمقصود من الآية العموم، لأنّ الحديث فيمقام المبالغة و التأكيد، و تشير إلىادّعائهم بأنّه في حال بعثة رسول إليهمفانّهم سيكونون أهدى من جميع الأممالسابقة.