امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 116
نمايش فراداده

و هذا البيان ينسجم مع الرّوايات الكثيرةالتي تقول: إنّ مقدرات كل بني آدم لمدّةسنة تقدر في ليلة القدر، و كذلك تفرقالأرزاق و الآجال و الأمور الأخرى في تلكالليلة. و سيأتي تفصيل الكلام في هذا البحث والمسائل الأخرى التي ترتبط بليلة القدر، وعدم التناقض بين هذا التقدير، و بين حريةالبشر، في تفسير سورة القدر، إن شاء اللّهتعالى.

و تقول الآية الأخرى لتأكيد أنّ القرآنمنزل من قبل اللّه تعالى: أَمْراً مِنْعِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ. «1» و لأجل تبيان العلة الأساسية لنزولالقرآن و إرسال النبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم و كون المقدرات في ليلة القدر، تضيفالآية: رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ. «2»

نعم، فإن رحمته التي لا تحدّ توجب أن لايترك العباد و شأنهم، بل يجب أن ترسل إليهمالتعليمات اللازمة لترشدهم في سيرهم إلىاللّه عبر ذلك المسير التكاملي الملي‏ءبالالتواءات و التعرجات، فإن كل عالمالوجود يصدر عن رحمته الواسعة و ينبعمنها، و البشر أكثر تنعما بهذه الرحمة منكل الموجودات.

و تذكر نهاية هذه الآية- و الآيات التالية-سبع صفات للّه سبحانه، و كلها تبين توحيدهو وحدانيته، فتقول: إِنَّهُ هُوَالسَّمِيعُ الْعَلِيمُ فهو يسمع طلباتالعباد، و هو عليم بأسرار قلوبهم. ثمّ تقول، مبينة للصفة الثالثة رَبِّالسَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ مابَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ‏

1- هناك احتمالات مختلفة في محل جملة (أمرامن عندنا ..) من الإعراب، و إلى أي من بحوثالآيات السابقة تنظر؟

و أنسب هذه الاحتمالات أن تكون جملة (أمرامن عندنا) حالا لضمير مفعول (إنا أنزلناه)،أي: إنا أرسلنا القرآن، و كان ذلك أمرا منعندنا. و هذا الاحتمال ينسجم في هذه الصورةتماما من جملة (إنا كنا مرسلين) و التيتتحدث عن إرسال النبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم . و يحتمل أيضا أن يكون توضيحا بـ (كل أمرحكيم) و نصبها على الاختصاص، فيكون المعنى:أعني بهذا الأمر أمرا حاصلا من عندنا.

2- (رحمة من ربك) مفعول لأجله بـ (إناأنزلناه)، أو لـ (يفرق كل أمر حكيم)، أولكليهما.