يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍأُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْمُهْتَدُونَ.
إنّ المؤمنين مطمئنون بمواعيد اللّهسبحانه، و هم يرتعون في رحمته و لطفه:إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَآمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ.
فنور الهداية يضيء قلوب الفريق الأوّللتشرق بنور ربّها، فيسيرون بخطى ثابتة نحوهدفهم المقدس: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَآمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِإِلَى النُّورِ «1».
أمّا الفريق الثّاني، فليس لديهم هدفواضح يطمحون إلى بلوغه، و لا هدى بيّنيسيرون في ظله، بل هم سكارى تتقاذفهمأمواج الحيرة في بحر الضلالة و الكفر:
وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُالطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَالنُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ.
هذا في الحياة الدنيا، أما عند الموت الذيهو نافذة تطل على عالم البقاء، و بابللآخرة، فإنّ الحال كما تصوره الآية (32) منسورة النحل حيث تقول:
الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُالْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَسَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَبِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.
أمّا المجرمون الكافرون، فإنّ الآيتين(28)- (29) من سورة النحل تتحدثان معهم بأسلوبآخر، فتقولان: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُالْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْفَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّانَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللَّهَعَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَخالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَىالْمُتَكَبِّرِينَ.
و خلاصة القول، فإنّ التفاوت و الاختلافموجود بين هاتين الفئتين في كافة شؤونالحياة و الموت، و في عالم البرزخ والقيامة «2».
1- البقرة، الآية 257. 2- ثمّة احتمالات أخرى في تفسير الآيةالمذكورة و من جملتها ما ذكر من أنّ المرادمن جملة (سواء محياهم و مماتهم) أنّ موتالمجرمين الكافرين و حياتهم واحد لا فرقفيه، فلا خير فيهم و لا طاعة لهم حالحياتهم، و لا في موتهم، فهم أحياء لكنّهمأموات، و على هذا التّفسير فإنّ كلاالضميرين يعودان على المجرمين. و الاحتمال الآخر: أنّ المراد من الحياةيوم القيامة، أي أنّ المؤمنين و الكافرينلا يتساوون عند الموت و عند بعثهم يومالقيامة.