امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 217
نمايش فراداده

و الكذب، و الاستهزاء و المزاح، و طرح أمرباطل و ذكره، و كلّ هذه المعاني يمكن أنتقبل في مورد الآية. الأشخاص الذين أبطلوا الحق، و الذيننشروا عقيدة الباطل و أهدافه، و الذينكذبوا أنبياء اللّه، و سخروا من كلامهم،سيرون خسرانهم المبين في ذلك اليوم.

و تجسّد الآية التالية مشهد القيامةبتعبير بليغ مؤثر جدّا، فتقول: وَ تَرى‏كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً. يستفاد من بعض كلمات المفسّرين أنّ أصحابالدعوى في الماضي كانوا يجلسون على هذهالهيئة في مجلس القضاء ليميزوا عنالآخرين، و سيجثو الجميع يوم القيامة فيتلك المحكمة الكبرى لتتم محاكمتهم.

و يمكن أيضا أن يكون هذا التعبير علامةعلى استعدادهم لتقبل أي أمر أو حكم يصدربحقّهم، لأنّ من كان على أهبة الاستعداديجثو على الركب. أو أنّه إشارة إلى ضعف هؤلاء و عجزهم وخوفهم و اضطرابهم الذي سيعانونه.

و جمع كلّ هذه المعاني في مفهوم الآيةممكن أيضا. و للجاثية معان أخرى، من جملتها الجمعالكثير المتراكم، أو جماعة جماعة، و يمكنأن تكون إشارة إلى تراكم البشر و ازدحامهمفي محكمة العدل الإلهي، أو جلوس كلّ أمة وفئة على حدة و بمعزل عن الأمم الأخرى. إلّاأنّ المعنى الأوّل هو الأنسب و الأشهر.

ثمّ تبيّن الآية ثاني مشاهد القيامة،فتقول: كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى‏ إِلى‏كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ماكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فإنّ هذا الكتابصحيفة أعمال سجلت فيها كلّ الحسنات والسيئات، و القبائح و الأفعال الجميلة، وأقوال الإنسان و أعماله، و على حدّ تعبيرالقرآن الكريم: لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها «1».

و تعبير كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى‏ إِلى‏كِتابِهَا يوحي بأنّ لكلّ أمة كتابا يتعلقبأفرادها

1- الكهف، الآية 49.